فلسفتنا - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ١٢٦
النسبي الذاتي لعدة من الفلاسفة الماديين المحدثين الذي مهد للنسبية التطورية التي نادت بها المادية الديالكتيكية.
أ - نسبية كانت:
يجب أن تعرف قبل كل شيء أن الحكم العقلي عند (كانت) على قسمين:
أحدهما الحكم التحليلي، وهو الحكم الذي يستعمله العقل لأجل التوضيح فحسب، كما في قولنا: الجسم ممتد، والمثلث ذو أضلاع ثلاثة. فان مرد الحكم هنا إلى تحليل مفهوم الموضوع (الجسم أو المثلث)، واستخراج العناصر المتضمنة فيه - كالامتداد المتضمن في مفهوم الجسم، والأضلاع الثلاثة المتضمنة في مفهوم المثلث - وردها إلى الموضوع. والاحكام التحليلية لا تتحفنا بمعرفة جديدة للموضوع، ولا تقوم الا بدور التفسير والتوضيح.
والآخر: الحكم التركيبي، وهو الذي يزيد محموله شيئا جديدا على الموضوع، كما في قولنا: الجسم ثقيل، والحرارة تمدد الفلزات، و 2 + 2 = 4 فان الصفة التي نسبغها على الموضوع في هذه القضايا ليست مستخرجة منه بالتحليل، وانما تضاف فتنشأ بسبب ذلك معرفة جديدة لم تكن قبل ذلك. فالأحكام التركيبية، تارة تكون احكاما أولية، وأخرى تكون أحكاما ثانوية. فالأحكام الأولية هي الأحكام الثابتة لدى العقل قبل التجربة، كالأحكام الرياضية نظير قولنا: الخط المستقيم أقرب مسافة بين نقطتين. وسوف يأتي ما هو السبب في كونها كذلك. والاحكام التركيبية الثانوية هي الاحكام الثابتة في العقل بعد التجربة، نظير الحكم بأن ضوء الشمس يسخن الحجر وان كل جسم له وزن.
وتتلخص نظرية (كانت) عن المعرفة، في تقسيم المعارف أو الأحكام العقلية إلى ثلاث طوائف (1):

(1) ينبغي للقارئ ان يعرف شيئا عن تحليل المعرفة في رأي (كانت) لتتضح له نظريته في قيمة المعرفة وامكانها، فهو يرى ان الحس التجريبي يستورد الموضوعات التجريبية بصورة مشوشة فتنشأ بذلك احساسات متفرقة. فالطعم الذي جاء على اللسان، لا يرتبط بالرائحة التي سلكت عن طريق الانف، ولا باللمعة الخاطفة من الضوء التي أثرت على شبكية العين، ولا بالصوت الذي طرق الاذن. وهذه الأشتات الحسية تتوحد في قالبين موجودين في الحس بالفطرة، وهما قالبا الزمان والمكان، فينتج عن ذلك أدراك حسي أو معرفة حسية لشيء معين، فهذه المعرفة في مادتها مستوردة من التجربة وفي صورتها فطرية ترجع إلى الزمان والمكان.
والادراكات الحسية بدورها هي مواد خام تقدم بين يدي العقل لتتكون منها معرفة عقلية. والعقل بملك عدة قوالب فطرية نظير القوالب التي يملكها الحس، فيصب تلك المواد الخام في هذه القوالب، ويبلورها في تلك الإطارات فتحصل المعرفة العقلية.
وهكذا تكون الأشياء المحسوسة مركبة من مادة أدركت بالحس، وصورة زمانية ومكانية أنشأتها الحساسية الصورية، أي الحساسية التي تخلق الصورة الموحدة للإحساسات المختلفة. وتتألف الأشياء المعقولة أيضا من مادة وهي الظواهر التي تصوغها الحساسية الصورية في اطار الزمان والمكان، وصورة وهي القوالب التي ينشئها الفهم الصوري ويوحد بها تلك الظواهر.
(١٢٦)
مفاتيح البحث: السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المؤلف 7
2 تمهيد... المسألة الاجتماعية 11
3 المذاهب الاجتماعية 12
4 الديموقراطية الرأسمالية 13
5 الاتجاه المادي في الرأسمالية 16
6 موضع الاخلاق من الرأسمالية 19
7 مآسي النظام الرأسمالي 20
8 الاشتراكية والشيوعية 24
9 الانحراف عن العملية الشيوعية 26
10 المؤاخذات على الشيوعية 28
11 التعليل الصحيح للمشكلة 32
12 كيف تعالج المشكلة 36
13 رسالة الدين 40
14 1 - نظرية المعرفة 51
15 1 - المصدر الأساسي للمعرفة 51
16 التصور ومصدره الأساسي 52
17 1 - نظريات الاستذكار الأفلاطونية 53
18 2 - النظرية العقلية 54
19 3 - النظرية الحسية 57
20 4 - نظرية الانتزاع 61
21 التصديق ومصدره الأساسي 62
22 1 - المذهب العقلي 63
23 2 - المذهب التجريبي 66
24 الماركسية والتجربة 79
25 التجربة والكيان الفلسفي 82
26 المدرسة الوضعية والفلسفة 85
27 الماركسية والفلسفة 90
28 2 - قيمة المعرفة 95
29 1 - آراء اليونان 97
30 2 - ديكارت 98
31 3 - جون لوك 102
32 4 - المثاليون 104
33 أ - المثالية الفلسفية 105
34 ب - المثالية الفيزيائية 115
35 ج - المثالية الفيزيولوجية 122
36 5 - أنصار الشك الحديث 123
37 6 - النسبيون 125
38 أ - نسبية كانت 126
39 ب - النسبية الذاتية 133
40 الشك العلمي 134
41 نظرية المعرفة في فلسفتنا 141
42 النسبية التطورية 145
43 التجربة والمثالية 145
44 التجربة والشيء في ذاته 152
45 الحركة الديالكتيكية في الفكر 159
46 أ - تطور الحقيقة وحركتها 163
47 اجتماع الحقيقة والخطأ 169
48 التعديلات العلمية والحقائق المطلقة 172
49 انتكاس الماركسية في الذاتية 175
50 2 - المفهوم الفلسفي للعالم 177
51 المفهوم الفلسفي 179
52 تصحيح أخطاء 180
53 ايضاح عدة نقاط 183
54 الاتجاه الديالكتيكي للمفهوم المادي 187
55 الديالكتيك أو الجدل 191
56 1 - حركة التطور 197
57 2 - تناقضات التطور 219
58 أ - ما هو مبدأ عدم التناقض؟ 223
59 ب - كيف فهمت الماركسية التناقض؟ 225
60 الهدف السياسي من الحركة التناقضية 237
61 3 - قفزات التطور 241
62 4 - الارتباط العام 251
63 نقطتان حول الارتباط العام 255
64 مبدأ العلية 261
65 العلية وموضوع الاحساس 261
66 العلية والنظريات العلمية 263
67 العلية والاستدلال 265
68 الميكانيكية والديناميكية 266
69 مبدأ العلية والميكروفيزياء 268
70 لماذا تحتاج الأشياء إلى علة 272
71 أ - نظرية الوجود 272
72 ب - نظرية الحدوث 274
73 ج و د - نظرية الامكان الذاتي والامكان الوجودي 274
74 التأرجح بين التناقض والعلية 277
75 التعاصر بين العلة والمعلول 279
76 المناقشة الكلامية 279
77 المعارضة الميكانيكية 280
78 النتيجة 282
79 المادة أو الله 285
80 المادة على ضوء الفيزياء 286
81 نتائج الفيزياء الحديثة 291
82 النتيجة الفلسفية من ذلك 292
83 مع التجريبيين 294
84 مع الديالكتيك 295
85 المادة والفلسفة 297
86 الجزء والفيزياء والكيمياء 302
87 الجزء والفلسفة 304
88 النتيجة الفلسفية 305
89 المادة والحركة 306
90 المادة والوجدان 308
91 المادة والفيزيولوجيا 309
92 المادة والبيولوجيا 310
93 المادة وعلم الوراثة 312
94 المادة وعلم النفس 313
95 الادراك 319
96 الادراك في مستوى الفيزياء والكيمياء 322
97 الادراك في مستوى الفيزيولوجيا 322
98 الادراك في البحوث النفسية 324
99 الادراك في مفهومه الفلسفي 328
100 الجانب الروحي من الانسان 334
101 المنعكس الشرطي والادراك 336