(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، أقوى دليل على البقاء إلى يوم الانقضاء.
المقدمة الثانية: - إن البقاء إلى يوم النفخ يحتاج إلى حافظ، ومع عدمه يضمحل شيئا فشيئا، إذ هو في معرض الزوال والاندراس، وتوفر الدواعي إلى اندراسه من وجود الكافر والمنافق وغيرهما، وليس ذلك إلا كالبناء الذي ليس له حافظ فإنه يسقط وإن بني محكما، ومع الحارس والمداومة على إصلاحه يبقى ويدوم، ثم لا فرق بين الدوام والحدوث، فكما إن الحدوث محتاج إلى بعث الرسول من جهة احتجاب النفوس البشرية وعدم لياقتها وقابليتها إلى استفادة الأحكام الإلهية بلا واسطة من مصدرها، فكذلك البقاء حذو النعل بالنعل يحتاج إلى مبين ومرجع وحافظ للأحكام، وهو الذي يطلق عليه الأمام، ولا بد إن يكون معينا ومشخصا لتعرفه الأمة فترجع إليه.
المقدمة الثالثة: - في إن العلم بذلك الحافظ المبين مختص بالله وبرسوله وليس للأمة في ذلك مسرح ولا نصيب لعدم إحاطة عقولهم بمعرفته، فيرجع تعيينه إلى الله وإلى رسوله، ويجب على الله ورسوله تعيينه كي لا تضيع الأمة الطريق فتقع في الضلالة، فإن كان موجودا بين الناس أشارا إليه وعيناه، وإن لم يكن موجودا لزم على الله تعالى إيجاده، وعليهما إرشاد الناس إليه لكي يبين الأحكام ويحفظ النظام، ويقوم بأمور الدنيا والدين.
المقدمة الرابعة: - إنه يلزم أن يكون ذلك الشخص المعين خال عن المفسدة، وصلاحيته للاستخلاف معلوم بين الأمة.