الرسل (ص): " هل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم؟ " (4). فلا ينجى من شر اللسان إلا أن يقيد بلجام الشرع، ولا يطلق إلا فيما ينفع في الدنيا والآخرة، ويكف عن كل ما يخشى غائلته في العاجلة والآجلة، وعلم ما يحمد إطلاق اللسان فيه أو يذم غامض عزيز، والعمل بمقتضاه على من عرفه ثقيل عسير، وهو أعصى الأعضاء على الإنسان، إذ لا تعب في تحريكه ولا مؤنة في إطلاقه، فلا يجوز التساهل في الاحتراز عن آفاته وغوائله، وفي الحذر عن مصائده وحبائله.
والآيات والأخبار الواردة في ذمه وفي كثرة آفاته وفي الأمر بمحافظته والتحذير عنه كثيرة، وهي بعمومها تدل على ذم جميع آفاته مما ممر ومما يأتي. قال الله سبحانه:
" ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " (5). وقال: " لا خير في كثير من نجواهم، إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " (6).
وقال رسول الله (ص): " من يتكفل لي بما بين لحييه ورجليه، أتكفل له بالجنة ". وقال (ص): " من وقي شر قبقبه وذبذبه ولقلقه، فقد وقي " (7): والقبقب: البطن، والذبذب: الفرج، والقلق:
اللسان. وقيل له (ص): " ما النجاة؟ قال: أملك عليك لسانك ".
وقال (ص): " أكبر ما يدخل الناس النار إلا جوفان: الفم، والفرج "، والمراد بالفم: اللسان. وقال (ص): " وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم؟ ". وقال له رجل: " ما أخوف ما يخاف علي؟ فأخذ بلسانه، وقال: هذا ". وقال (ص): " لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ". وقال (ص):
" إذا أصبح ابن آدم أصبحت الأعضاء كلها تكفر اللسان، فتقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا " (8).