الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٣٤٨
وندامته؟ وأي دليل في قول الزبير: بلغنا أن هاهنا دراهم فجئنا لنأخذها، وذلك دليل إصراره لأن قصده إلى أخذ ما ليس له فسق كبير، ولا سيما إذا كان على سبيل البغي على الإمام، والخروج عن طاعته.
ومما تعلق المخالفون به في توبة الزبير وإن لم يذكره صاحب الكتاب.
ولعله إنما عدل عنه استضعافا له إلا أنه مشهور، وما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من قوله لما جاء ابن جرموز (1) برأس الزبير: " بشر قاتل ابن صفية بالنار " وأنه لو لم يكن تائبا لما استحق النار بقتله.
والجواب عن ذلك أن ابن جرموز غدر بالزبير بعد أن أعطاه الأمان، وكان قتله على وجه الغيلة والمكر، وهذه منه معصية، لا شبهة فيها، وقد تظاهر الخبر بما ذكرناه، حتى روي أن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل (2) وكانت تحت عبد الله بن أبي بكر فخلف عليها عمر ثم الزبير قالت في ذلك.

(١) * عمرو بن جرموز مذموم عند أهل السنة والشيعة لقتله الزبير وغدره به ولأنه خرج على علي عليه السلام مع الخوارج.
(٢) عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية العدوية، أخت سعيد بن زيد وابنة عم عمر بن الخطاب من المهاجرات إلى المدينة كانت تحت عبد الله بن أبي بكر وكانت حسناء جميلة فأحبها حبا شديدا حتى غلبت عليه وشغلته عن مغازيه، فأمره أبوه بطلاقها فتبعتها نفسه فارتجعها ثم شهد عبد الله الطائف فرمي بسهم فمات منه بالمدينة فتزوجها زيد بن الخطاب فقتل عنها باليمامة فتزوجها عمر سنة ١٢ فأولم وليمة دعا إليها جماعة فيهم علي بن أبي طالب، فقال دعني أكلم عاتكة، قال: أفعل، فقال لها باعدية؟؟ نفسها.
فآليت لا تنفك عني حزينة * عليك ولا ينفك جلد أغبر (يعني عليه السلام في رثائها لزيد) فبكت، فقال عمر ما دعاك لهذا يا أبا الحسن كل النساء يفعلن هذا فقال: قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) فقتل عنها عمر فتزوجها الزبير فقتل عنها ثم خطبها علي عليه السلام فقالت يا أمير المؤمنين أنت سيد المسلمين وأنا أنفس بك عن الموت - يعني القتل - وقد ذكر لها ابن الأثير في أسد الغابة مراثيها لأزواجها ومنه الرثاء المذكور في المتن (انظر أسد الغابة ٥ / 497).
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»