الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٣٤٦
فأما قوله: (إنه إنما يجب أن يحارب معه لو طلب ذلك معه وتشدد عليه) فقد بينا أن نصرة الإمام وجبة من حيث كان إماما وأن لم يطلب هو النصرة. وذكرنا أن الحال التي كان دفع إليها مستدعية للنصرة من كل مسلم لتضايقها وشدتها أو ما كفى الزبير في طلبه عليه السلام النصرة كتبه النافذة إلى الآفاق يستنصر فيها ويستصرخ ويدعو الناس إلى القتال معه.
فأما ما تعلق به من خبر البشارة بالجنة، فقد بينا فيما تقدم الكلام على بطلان هذا الخبر لما احتج به صاحب الكتاب في جملة فضائل أبي بكر، وقلنا أنه لا يجوز أن يعلم الله تعالى مكلفا ليس بمعصوم من الذنوب بأن عاقبته الجنة، لأن ذلك مغر بالقبيح. وليس يمكن أحد أن يدعي عصمة التسعة (1) ولو لم يكن إلا ما وقع من طلحة والزبير من الكبير تكفي، وليس لأحد أن يقول: " ما أنكرتم أن يكون الله تعالى قد علم أن من واقع القبيح من هؤلاء المبشرين بالجنة، يواقعه على كل حال بشر أو لم يبشروا وأنه لا يفعل بعد البشارة قبيحا. ما كان يفعله، لولاها فتخرج البشارة من أن تكون إغراء وذلك أن الأمر متى فرضناه على هذا الوجه، فليس يخرج البشارة من أن تكون مغيرة لداعي القبيح. ومعلوم ضرورة أن من علم وتحقق أن عاقبته الجنة، وأن كل قبيح وقع منه لا بد أن يتوب منه لا يكون إقدامه على القبيح وخوفه من إقدام من يجوز أن يخترم (2) قبل التوبة وتقوية داعي القبيح إغراء به، وذلك أقبح لا محالة.
وإن لم يرد لهذا المبشر فعلا قبيحا وقد ذكرنا فيما تقدم أن هذا الخبر لو كان

(1) يعني بالتسعة الباقين من العشرة إذ أخرج منهم عليا عليه السلام باعتبار عصمته.
(2) يخترم: يهلك.
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»