الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٥١
يقال له: أما اعتذاره في ولاية عثمان من ولاه من الفسقة، بأنه لم يكن عالما بذلك من حالهم قبل الولاية، وإنما تجدد منهم ما تجدد فعزلهم، فليس بشئ يعول على مثله، لأنه لم يول هؤلاء النفر إلا وحالهم مشهورة في الخلاعة والمجانة (1) والتحرم والتهتك، ولم يختلف اثنان في أن الوليد بن عقبة لم يستأنف التظاهر بشرب الخمر، والاستخفاف بالدين، على استقبال ولايته الكوفة، بل هذه كانت سنته والعادة المعروفة منه، وكيف يخفى على عثمان - وهو قريبه ولصيقه وأخوه لأمه من حاله ما لا يخفى على الأجانب الأباعد؟ فلهذا قال له سعد بن أبي وقاص في رواية الواقدي وقد دخل الكوفة يا أبا وهب (2)، أميرا أم زائرا قال: بل أميرا فقال سعد: ما أدري أحمقت بعدك أم كيست (3) بعدي؟ قال: ما حمقت بعدي ولا كيست بعدك ولكن القوم ملكوا فاستأثروا، فقال سعد: ما أراك إلا صادقا.
وفي رواية أبي مخنف لوط بن يحيى أن الوليد لما دخل الكوفة مر على مجلس عمرو بن زرارة النخعي فوقف، فقال عمرو: يا معشر بني أسد بئس ما استقبلنا به أخوكم ابن عفان، من عدله أن ينزع عنا ابن أبي وقاص، الهين اللين السهل القريب، ويبعث علينا أخاه الوليد، الأحمق الماجن الفاجر قديما وحديثا واستعظم الناس مقدمه، وعزل سعد به، وقالوا: أراد عثمان كرامة أخيه بهوان أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم! وهذا تحقيق ما ذكرناه من حاله كانت مشهورة قبل الولاية، لا

(1) المجانة - بفتح الميم - والمجون - بضمها - ومعناهما واحدة، والفاعل ماجن: وهو الذي يا يبالي ما صنع.
(2) أبو وهب: كنية الوليد.
(3) الحمق - بسكون الميم وضمها - قلة العقل، يقال: حمق - بضم الميم - من باب ظرف فهو أحمق، وتكسر الميم أيضا، والكيس بوزن الكيل: ضده.
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»