الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ٢٤٠
عداه وعدا عبيده والرهط من فجار أهليه وفساقهم كمروان، ومن جرى مجراه كانوا مجمعين على خلعه، فلا شبهة أن الحق في غير حيزه لأنه لا يجوز أن يكون هو المصيب وجميع الأمة مبطل، وإنما يدعي أنه على الحق من تنازع في إجماع من عداه، فأما مع تسليم ذلك فليس تبقى شبهة، وما نجد مخالفينا يعتبرون في باب الإجماع بإجماع الشذاذ عنه، والنفر القليل الخارجين منه، ألا ترى أنهم لا يحفلون بخلاف سعد (1)، وولده وأهله في بيعة أبي بكر لقلتهم، وكثرة من بإزائهم وكذلك لا يعتدون بخلاف من امتنع من بيعة أمير المؤمنين عليه السلام ويجعلونه شاذا لا تأثير له، فكيف فارقوا هذه الطريقة في خلع عثمان، وهل هذا إلا تقلب وتلون.
فأما قوله: (إن الصحابة بين فريقين أما من ينصره كزيد بن ثابت، وابن عمر وفلان وفلان، والباقون ممتنعون انتظارا لزوال العارض، لأنه ما ضيق عليهم الأمر في الدفع عنه) فعجيب لأن الظاهر أن أنصاره هم الذين كانوا معه في الدار، يقاتلون عنه، ويدفعون الهاجمين عليه فقط.
فأما من كان في منزله ما أغنى عنه فتيلا لا يعد ناصرا، وكيف يجوز ممن أراد نصرته وكان معتقدا لصوابه وخطأ الطالبين لخلعه (2) يتوقف عن النصرة طلبا لزوال العارض، وهل تراد النصرة إلا لدفع العارض وبعد زواله لا حاجة إليها؟ وليس يحتاج في نصرته إلى أن يضيق هو عليهم الأمر فيها، بل من كان معتقدا لها لا يحتاج حمله إلى أذنه فيها ولا يحفل نهيه عنها، لأن المنكر مما قد تقدم أمر الله تعالى فيه بالنهي عنه، فليس يجتاح في إنكاره إلى أمر غيره.

(١) يعني سعد بن عبادة الأنصاري وخلافه في حديث السقيفة مأثور مشهور.
(2) وخطأ المطالبين له بالخلع خ ل.
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»