الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٤ - الصفحة ١٤٣
كل النهوض بالإمامة يرجع إلى حسن التدبير والسياسة الدنياوية ورم العمال والاستظهار في حياته الأموال وتمصير الأمصار، ووضع الأعشار، بل حظ الإمامة من العلم بالأحكام والفتيا بالحلال والحرام والناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه أقوى فمن قصر في هذا لم ينفعه أن يكون كاملا في ذلك.
فأما قوله: فالأدل ما روي من قوله: (وإن وليتم عمر تجدوه قويا في أمر الله قويا في بدنه) فهذا لو ثبت لدل وقد تقدم الكلام على هذا الخبر وأمثاله فيما سلف من هذا الكلام، وأقوى ما يبطله عدول أبي بكر عن ذكره والاحتجاج به، لما أراد النص على عمر فعوتب على ذلك، وقيل له: ما تقول لربك إذا وليت علينا فظا غليظا؟ ولو كان صحيحا لكان يحتج به ويقول: وليت عليكم من عهد النبي صلى الله عليه وآله بأنه قوي في أمر الله قوي في بدنه وقد قيل فيما يطعن (1) على هذا الخبر أن ظاهره يقتضي تفضيل عمر على أبي بكر والاجماع (2) بخلاف ذلك لأن القوة في الجسم فضل، قال الله تعالى: (إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم) (3) وبعد فكيف يعارض ما اعتمدناه من عدوله عليه السلام عن ولايته وهو أمر معلوم بهذا الخبر المردود المدفوع (4).

(١) ش " وقد قيل في الطعن على صحة هذا الخبر ".
(٢) أنكر ابن أبي الحديد هذا الإجماع وقال معلقا على كلام المرتضى: " إن كتب الكلام والتصانيف المصنفة في المقالات مشحونة بذكر الفرقة العمرية، وهم القائلون: إن عمر أفضل من أبي بكر، وهي طائفة عظيمة من المسلمين، يقال: إن عبد الله بن مسعود منهم، وقد رأيت جماعة من الفقهاء يذهبون إلى هذا ويناظرون عليه " (شرح نهج البلاغة ١٧ / 174).
(3) البقرة / 247.
(4) كلام قاضي القضاة هنا في تولية عمر (رض) ونقض المرتضى له نقله ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 17 ص 168 - 171.
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»