الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٥٨
لأنا نعلم ضرورة إن زجر الأئمة المهيبين المتسلطين وأمرهم ونهيهم له من التأثير في ارتفاع كثير مما تميل إليه شهوات رعاياهم ما ليس لزجر غيرهم ممن لا طاعة له ولا سلطان ولا نفوذ أمر، ومن دفع هذا كان مكابرا.
وأما قولك: " ويمكن المكلف من ذي قبل " فهو يمكنه غير أنه معلوم أنه عند وجود الرؤساء والأئمة وذي السلطان والبسط (1) يكون أقرب إلى تجنبه، وعند عدمهم أقرب إلى مواقعته، وما تقدم من الدلالة من أن وجود الرؤساء لطف - فيما ذكرناه - يبطل كل هذا الذي ذكره.
قال صاحب الكتاب: " وبعد، فإن ذلك قائم في النظر في كونه حجة لأن مقتضى الشهوة العدول عن ذلك لما فيه من الراحة، ولما قد يعتري المكلف من الشبه (2) فتجب الحاجة إلى حجة قبل الإمام... " (3).
فيقال له: إنما يلزم ما ذكرته من يوجب كون الإمام لطفا في ارتفاع كل ما تدعو إليه الشهوات، وتميل إليه النفوس، حتى يجعله لطفا في جميع ما يلزم من النظر والاستدلال وغيرهما، وقد بينا أن الصحيح خلاف ذلك، وليس إذا قضت العادات يكون الأئمة والرؤساء لطفا في وقوع كثير من الواجبات، والامتناع من ضروب المقبحات وجب أن يقطع على كونهم لطفا في كل واجب.
قال صاحب الكتاب: " ولو كان الحجة يؤثر في الشهوة لكان يجب

(1) من قولهم: يد بسط - بوزن قسط - إذا كانت مطلقة.
(2) في المغني " قد يعدي المكلف من التنبيه " وعلق المحقق على العبارة بقوله " ولم يظهر لي معناه " ولو أنه عارض نسخته من المغني بما نقله المرتضى منه في الشافي لظهرت له معاني كثرة قد التبست عليه.
(3) المغني 20 ق 1 / 62.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»