الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٥٧
فيقال له: وهذا أيضا مبني على توهمك الأول، وقد مضى ما فيه كفاية.
وجملة ما نقول: أنه ليس لأجل تقصير المكلف الذي دخلت عليه الشبهة أوجبنا الحاجة إلى الإمام لينبهه على تقصيره، ولكن تقصيره إذا وقع وتعدى إلى غيره من حيث سد عليه باب العلم من جهة النقل احتيج إلى إمام ليبين ما لا يعلمه المكلف لولا بيانه.
قال صاحب الكتاب: " فأما الشهوة والهوى والتعلق بهما فبعيد، لأن مع وجود الحجة لا بد من ثباتهما حتى يصح التكليف، وإنما يكون في التعلق بذلك فائدة لو كان عند وجود الإمام يزول ذلك ويتغير، ومتى قالوا: إنها وإن كانت حاصلة مع وجود الإمام فإنه ببيانه وتحذيره يصدف (1) المكلف عن اتباع شهوته.
قيل لهم: إنما يصدف بالتنبيه والتحذير دون الاضطرار، وذلك ممكن من غيره ومنه، وإن لم يكن حجة، ويمكن المكلف من ذي قبل فيجب الغنى عن الإمام... " (2) فيقال له: قد بينا فيما مضى وجه التعلق في الحاجة إلى الإمام بالشهوة والهوى وهو بخلاف ما ظننته من أن وجوده يزيل الشهوات أو يغيرها، وكشفنا عن أن وجود الإمام إنما يؤثر في مقتضى الشهوات فيقلل وقوع ما لولا وجوده لوقع من الخلف لمكان شهواتهم.
فأما قولك: " إن ذلك ممكن من غيرهم " فهو ممكن - كما قلت - غير أنه لا يؤثر تأثير فعل الأئمة المطاعين الذين قامت هيبتهم في النفوس،

(1) يصرف، خ ل، والمعنى واحد.
(2) المغني 20 ق 1 / 62، وفيه " فيجب الغنى عن الإقدام ".
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»