مجمع البحرين - الشيخ الطريحي - ج ١ - الصفحة ١٦٩
وقال الشيخ في العدة: وأما البداء فحقيقته في اللغة: الظهور، ولذلك يقال:
" بدا لنا سور المدينة " و " بدا لنا وجه الرأي " قال تعالى: (وبدا لهم سيئات ما عملوا)، (وبدا لهم سيئات ما كسبوا) ويراد بذلك كله: ظهر.
وقد يستعمل ذلك في العلم بالشئ بعد أن لم يكن حاصلا، وكذلك في الظن، فأما إذا أضيفت هذه اللفظة إلى الله تعالى فمنه ما يجوز إطلاقه عليه ومنه ما لا يجوز، فأما ما يجوز من ذلك فهو ما أفاد النسخ بعينه، ويكون إطلاق ذلك عليه على ضرب من التوسع، وعلى هذا الوجه يحمل جميع ما ورد عن الصادقين (ع) من الاخبار المتضمنة لإضافة البداء إلى الله تعالى، دون ما لا يجوز عليه من حصول العلم بعد أن لم يكن، ويكون وجه إطلاق ذلك عليه والتشبيه هو: أنه إذا كان ما يدل على النسخ يظهر به للمكلفين ما لم يكن ظاهرا ويحصل لهم العلم به بعد أن لم يكن حاصلا وأطلق على ذلك لفظ البداء. قال: وذكر سيدنا المرتضى - قدس روحه - وجها آخر في ذلك، وهو أن قال: يمكن حمل ذلك على حقيقته، بأن يقال: " بدا لله " بمعنى أنه ظهر له من الامر ما لم يكن ظاهرا له، وبدا له من النهي ما لم يكن ظاهرا له، لان قبل وجود الأمر والنهي لا يكونان ظاهرين مدركين، وإنما يعلم أنه يأمر أو ينهى في المستقبل، فأما كونه آمرا وناهيا فلا يصح أن يعلمه إلا إذا وجد الأمر والنهي، وجرى ذلك مجرى أحد الوجهين المذكورين في قوله تعالى:
(ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم) بأن تحمله على أن المراد به: حتى نعلم جهادكم موجودا، لان قبل وجود الجهاد لا يعلم الجهاد موجودا، وإنما يعلم كذلك
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الف 21
2 باب ب 145
3 باب ت 278
4 باب ث 305
5 باب ج 337
6 باب ح 438
7 باب خ 614