مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٣٦
(شئ من أمارات الانكار نحو جاء شقيق) اسم رجل (عارضا رمحه) أي واضعا على العرض فهو لا ينكر ان في بنى عمه رماحا لكن مجيئه واضعا الرمح على العرض من غير التفات وتهيؤ أمارات انه يعتقد ان لا رمح فيهم بل كلهم عزل لا سلاح معهم فنزل منزلة المنكر وخوطب خطاب التفات بقوله (ان بنى عمك فيهم رماح) مؤكدا بان وفى البيت على ما أشار إليه الامام المرزوقي تهكم واستهزاء كأنه يرميه بان فيه من الضعف والجبن بحيث لو علم أن فيهم رماحا لما التفت لفت الكفاح ولم تقو يده على حمل الرماح على طريقة قوله:
فقلت لمحرز لما التقينا * تنكب لا يقطرك الزحام يرميه بأنه لم يباشر الشدائد ولم يدفع إلى مضائق، المجامع كأنه يخاف عليه ان يداس بالقوائم، كما يخاف على الصبيان والنساء لقلة غنائه وضعف بنائه.
(و) يجعل (المنكر كغير المنكر إذا كان معه) أي مع المنكر.
(ما ان تأمله) أي شئ من الدلائل والشواهد ان تأمل المنكر ذلك الشئ (ارتدع) عن انكاره ومعنى كونه مع أن يكون معلوما له ومشاهدا عنده كما تقول لمنكر الاسلام " الاسلام حق " من غير تأكيد لان مع ذلك المنكر دلائل دالة على حقيقة الاسلام.
وقيل معنى كونه معه ان يكون معه موجودا في نفس الامر.
وفيه نظر لان مجرد وجوده لا يكفي في الارتداع ما لم يكن حاصلا عنده.
وقيل معنى ما ان تأمله شئ من العقل.
وفيه نظر لان المناسب حينئذ ان يقال ما ان تأمل به لأنه لا يتأمل العقل بل يتأمل به.
(نحو لا ريب فيه) ظاهر هذا الكلام انه مثال لجعل منكر الحكم كغيره وترك التأكيد لذلك.
وبيانه ان معنى لا ريب فيه انه ليس القرآن بمظنة للريب ولا ينبغي ان يرتاب فيه وهذا الحكم مما ينكره كثير من المخاطبين لكن نزل انكارهم منزلة عدمه لما معهم
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»