مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢١٧
خرج عنه تعريف الحقيقة المجاز دون الكناية فإنها أيضا حقيقة على ما صرح به صاحب المفتاح.
لأنا نقول هذا فاسد على رأى المصنف لان الكناية لم تستعمل عنده فيما وضع له بل انما استعملت في لازم الموضوع له مع جواز إرادة الملزوم وسيجئ لهذا زيادة تحقيق.
(والقول بدلالة اللفظ لذاته ظاهره فاسد) يعنى ذهب بعضهم إلى أن دلالة الألفاظ على معانيها لا تحتاج إلى الوضع بل بين اللفظ والمعنى مناسبة طبيعية تقتضي دلالة كل لفظ على معناه لذاته فذهب المصنف وجميع المحققين على أن هذا القول فاسد ما دام محمولا على ما يفهم منه ظاهرا لان دلالة اللفظ على المعنى لو كانت لذاته كدلالته على اللافظ لوجب ان تختلف اللغات باختلاف الأمم وان يفهم كل أحد معنى كل لفظ لعدم انفكاك المدلول عن الدليل ولامتنع ان يجعل اللفظ بواسطة القرينة بحيث يدل على المعنى المجازي دون الحقيقي لان ما بالذات لا يزول بالغير ولامتنع نقله من معنى إلى معنى آخر بحيث لا يفهم منه عند الاطلاق الا المعنى الثاني.
(وقد تأوله) أي القول بدلالة اللفظ لذاته (السكاكي) أي صرفه عن ظاهره وقال إنه تنبيه على ما عليه أئمة علمي الاشتقاق والتصريف من أن للحروف في أنفسها خواص بها تختلف كالجهر والهمس والشدة والرخاوة والتوسط بينهما وغير ذلك وتلك الخواص تقتضي ان يكون العالم بها إذا اخذ في تعيين شئ مركب منها لمعنى لا يهمل التناسب بينهما قضاء لحق الحكمة كالفصم بالفاء الذي هو حرف رخو لكسر الشئ من غير أن يبين والقسم بالقاف الذي هو حرف شديد لكسر الشئ حتى يبين وان لهيئات تركيب الحروف أيضا خواص كالفعلان والفعلي بالتحريك لما فيه حركة كالنزوان والحيدى وكذا باب فعل بالضم مثل شرف وكرم للأفعال الطبيعية اللازمة.
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»