مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٨٦
ولقائل ان يقول لا نسلم عدم التفاوت في الفهم على تقدير العلم بالوضع بل يجوز ان يحضر في العقل معاني بعض الألفاظ المخزونة في الخيال بأدنى التفات لكثرة الممارسة والمؤانسة وقرب العهد بخلاف البعض فإنه يحتاج إلى التفات أكثر ومراجعة أطول مع كون الألفاظ مترادفة والسامع عالما بالوضع وهذا مما نجده من أنفسنا.
والجواب ان التوقف انما هو من جهة تذكر الوضع وبعد تحقق العلم بالوضع وحصوله بالعقل فالفهم ضروري.
(ويتأتى) الايراد المذكور (بالعقلية) من الدلالات (لجواز ان تختلف مرات اللزوم في الوضوح) أي مرات لزوم الاجزاء لكل في التضمن ومراتب لزوم اللوازم للملزوم في الالتزام.
وهذا في الالتزام ظاهر فإنه يجوز ان يكون للشئ لوازم متعددة بعضها أقرب إليه من بعض وأسرع انتقالا منه إليه لقلة الوسائط فيمكن تأدية الملزوم بالألفاظ الموضوعة لهذه اللوازم المختلفة الدلالة عليه وضوحا وخفاء.
وكذا يجوز ان يكون للازم ملزومات لزومه لبعضها أوضح منه للبعض الآخر فيمكن تأدية اللازم بالألفاظ الموضوعة للملزومات المختلفة وضوحا وخفاء واما في التضمن فلأنه يجوز ان يكون المعنى جزء من شئ وجزء من شئ آخر فدلالة الشئ الذي ذلك المعنى جزء منه على ذلك المعنى أوضح من دلالة الشئ الآخر الذي ذلك المعنى جزء من جزئه مثلا دلالة الحيوان على الجسم أوضح من دلالة الانسان عليه ودلالة الجدار على التراب أوضح من دلالة البيت عليه.
فان قلت بل الامر بالعكس فان فهم الجزء سابق على فهم الكل.
قلت نعم ولكن المراد هنا انتقال الذهن إلى الجزء وملاحظته بعد فهم الكل وكثيرا ما يفهم الكل من غير التفات إلى الجزء كما ذكره الشيخ الرئيس في الشفاء انه يجوز ان يخطر النوع بالبال ولا يلتفت الذهن إلى الجنس.
(ثم اللفظ المراد به لازم ما وضع له) سواء كان اللازم داخلا فيه كما في التضمن أو خارجا عنه كما في الالتزام (ان قامت قرينة على عدم ارادته) إرادة ما
(١٨٦)
مفاتيح البحث: الجواز (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»