مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٧٥
نحو وان يكذبوك قوله فقد كذبت رسل من قبلك) فقد كذبت ليس جزاء الشرط لان تكذيب الرسل متقدم على تكذيبه بل هو سبب لمضمون الجواب المحذوف أقيم مقامه (أي فلا تحزن واصبر) ثم الحذف لابد له من دليل (وأدلته كثيرة منها ان يدل العقل عليه) أي على الحذف (والمقصود الأظهر على تعيين المحذوف نحو حرمت عليكم الميتة والدم).
فالعقل دل على أن هنا حذفا إذ الأحكام الشرعية انما تتعلق بالافعال دون الأعيان والمقصود الأظهر من هذه الأشياء المذكورة في الآية تناولها الشامل للاكل وشرب الألبان فدل على تعيين المحذوف وفى قوله منها ان يدل أدنى تسامح فكأنه على حذف مضاف.
(ومنها ان يدل العقل عليهما) أي على الحذف وتعيين المحذوف (نحو وجاء ربك) فالعقل يدل على امتناع مجئ الرب تعالى وتقدس ويدل على تعيين المراد أيضا.
(اي امره أو عذابه) فالامر المعين الذي دل عليه العقل هو أحد الامرين لا أحدهما على التعيين.
(ومنها ان يدل العقل عليه والعادة على التعيين نحو فذلكن الذي لمتنني فيه) فان العقل دل على أن فيه حذفا إذ لا معنى للوم الانسان على ذات الشخص واما تعيين المحذوف (فإنه يحتمل) ان يقدر (وفى حبه لقوله تعالى قد شغفها حبا وفى مراودته لقوله تعالى تراود فتاها عن نفسه وفى شانه حتى يشملهما) أي الحب والمراودة (والعادة دلت على الثاني) أي مراودته (لان الحب المفرط لايلام صاحبه عليه في العادة لقهره) أي الحب المفرط (إياه) أي صاحبه فلا يجوز ان يقدر في حبه ولا في شانه لكونه شاملا له فيتعين ان يقدر في مراودته نظرا إلى العادة.
(ومنها الشروع في الفعل) يعنى من أدلة تعيين المحذوف لا من أدلة الحذف لان دليل الحذف ههنا هو ان الجار والمجرور لابد من أن يتعلق بشئ والشروع في الفعل على أنه ذلك الفعل الذي شرع فيه (نحو بسم الله فيقدر ما جعلت التسمية مبتدأ له) ففي القراءة يقدر بسم الله اقرأ وعلى هذا القياس.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»