مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٤٠
يجالس أحدا منهما أصلا (والتهديد) أي التخويف وهوا أعم من الانذار لأنه ابلاغ مع التخويف.
وفى الصحاح الانذار تخويف وهو مع دعوة (نحو " اعملوا ما شئتم ") لظهور ان ليس المراد الامر بكل عمل شاؤوا (والتعجيز نحو " فأتوا بسورة من مثله ") إذ ليس المراد طلب إتيانهم بسورة من مثله لكونه محالا.
والظرف أعني قوله من مثله متعلق بفأتوا والضمير لعبدنا أو صفة لسورة والضمير لما نزلنا أو لعبدنا.
فان قلت لم لا يجوز على الأول ان يكون الضمير لما نزلنا.
قلت: لأنه يقتضى ثبوت مثل القرآن في البلاغة وعلوا الطبقة بشهادة الذوق إذ التعجيز انما يكون عن المأتي به فكأن مثل القرآن ثابت لكنهم عجزوا عن أن يأتوا عنه بسورة بخلاف ما إذا كان وصفا للسورة فان المعجوز عنه هو السورة الموصوفة باعتبار انتفاء الوصف.
فان قلت فليكن التعجيز باعتبار انتفاء المأتي به منه.
قلنا احتمال عقلي لا يسبق إلى الفهم ولا يوجد له مساغ في اعتبارات البلغاء واستعمالاتهم فلا اعتداد به، ولبعضهم هنا كلام طويل لا طائل تحته (والتسخير نحو " كونوا قردة خاسئين " والإهانة نحو " كونوا حجارة أو حديدا ") إذ ليس الغرض من يطلب منهم كونهم قردة أو حجارة أو حديدا لعدم قدرتهم على ذلك لكن في التسخير يحصل الفعل أعني صيرورتهم قردة وفى الاهانة لا يحصل إذا المقصود قلة المبالاة بهم.
(والتسوية نحو " اصبروا أو لا تصبروا ") ففي الإباحة كأن المخاطب توهم ان الفعل محظور عليه فأذن له في الفعل مع عدم الحرج في الترك وفى التسوية كأنه توهم ان أحد الطرفين من الفعل والترك أنفع له وأرجح بالنسبة إليه فرفع ذلك التوهم وسوى بينهما.
(والتمني نحو الا أيها الليل الطويل الا انجلى) بصبح وما الا صباح منك بأمثل، إذ ليس الغرض طلب الانجلاء من الليل إذ ليس ذلك في وسعه لكنه يتمنى
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»