مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٣٩
تعرفه (والتهويل كقرائة ابن عباس) رضي الله عنه (" ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين من فرعون " بلفظ الاستفهام) أي من بفتح الميم (ورفع فرعون) على أنه مبتدأ ومن الاستفهامية خبره أو بالعكس على اختلاف الرأيين فإنه لا معنى لحقيقة الاستفهام ههنا وهو ظاهر بل المراد انه لما وصف الله العذاب بالشدة والفظاعة زادهم تهويلا " من فرعون " أي هل تعرفون من هو في فرط عتوه وشدة شكيمته فما ظنكم بعذاب يكون المعذب به مثله (ولهذا قال " انه كان عاليا من المسرفين ") زيادة لتعريف حاله وتهويل عذابه (والاستبعاد نحو " انى لهم الذكرى " فإنه لا يجوز حمله على حقيقة الاستفهام وهو ظاهر.
بل المراد استبعاد ان يكون لهم الذكرى بقرينة قوله تعالى (" وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه ") أي كيف يتذكرون ويتعظون ويوفون بما وعدوه من الايمان عند كشف العذاب عنهم وقد جاءهم ما هو أعظم وادخل في وجوب الاذكار من كشف الدخان وهو ما ظهر على يد رسول الله صلى الله عليه وآله من الآيات والبينات من الكتاب المعجز وغيره فلم يتذكروا وأعرضوا عنه.
(ومنها) أي من أنواع الطلب (الامر) وهو طلب فعل غير كف على جهة الاستعلاء وصيغته تستعمل في معان كثيرة، فاختلفوا في حقيقته الموضوعة هي لها اختلافا كثيرا، ولما لم تكن الدلائل مفيدة للقطع بشئ.
قال المصنف: (والأظهر ان صيغته من المقترنة باللام نحو ليحضر زيد وغيرها نحو أكرم عمرا ورويد بكرا) فالمراد بصيغته ما دل على طلب فعل غير كف استعلاء سواء كان اسما أو فعلا (موضوعة لطلب الفعل استعلاء) أي على طريق طلب العلو وعد الآمر نفسه عاليا سواء كان عاليا في نفسه أم لا (لتبادر الفهم عند سماعها) أي سماع الصيغة (إلى ذلك) المعنى أعني الطلب استعلاء والتبادر إلى الفهم من أقوى أمارات الحقيقة.
(وقد تستعمل) صيغة الامر (لغيره) أي لغير طلب الفعل استعلاء (كالإباحة نحو " جالس الحسن أو ابن سيرين ") فيجوز له ان يجالس أحدهما أو كليهما وان لا
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»