وكيف ترجيها، وقد حال دونها سواسية لا يغفرون لها ذنبا؟
وأنشد ابن بري لشاعر:
سود سواسية، كأن أنوفهم بعر ينظمه الوليد بملعب وأنشد أيضا لذي الرمة:
لولا بنو ذهل لقربت منكم، إلى السوط، أشياخا سواسية مردا يقول لضربتكم وحلقت رؤوسكم ولحاكم. قال الفراء: يقال هم سواسية وسواس وسؤاسية، قال كثير:
سواس، كأسنان الحمار فما ترى، لذي شيبة منهم على ناشئ، فضلا وقال آخر:
سبينا منكم سبعين خودا سواس، لمح يفض لها ختام التهذيب: ومن أمثالهم سواسية كأسنان الحمار، وقال آخر:
شبابهم وشيبهم سواء، سواسية كأسنان الحمار قال: وهذا مثل قولهم في الحديث لا يزال الناس بخير ما تباينوا، وفي رواية: ما تفاضلوا، فإذا تساووا هلكوا، وأصل هذا أن الخير في النادر من الناس، فإذا استوى الناس في الشر ولم يكن فيهم ذو خير كانوا من الهلكى، قال ابن الأثير: معناه أنهم إنما يتساوون إذا رضوا بالنقص وتركوا التنافس في طلب الفضائل ودرك المعالي، قال: وقد يكون ذلك خاصا في الجهل، وذلك أن الناس لا يتساوون في العلم وإنما يتساوون إذا كانوا جهالا، وقيل:
أراد بالتساوي التحزب والتفرق وأن لا يجتمعوا في إمام ويدعي كل واحد منهم الحق لنفسه فينفرد برأيه. وقال الفراء:
يقال هم سواسية يستوون في الشر، قال: ولا أقول في الخير، وليس له واحد. وحكي عن أبي القمقام سواسية، أراد سواء ثم قال سية، وروي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: ما أشد ما هجا القائل وهو الفرزدق:
سواسية كأسنان الحمار وذلك أن أسنان الحمار مستوية، وقال ذو الرمة:
وأمثل أخلاق امرئ القيس أنها صلاب، على عض الهوان، جلودها لهم مجلس صهب السبال أذلة، سواسية أحرارها وعبيدها ويقال: ألآم سواسية وأرآد سواسية. ويقال: هو لئمه ورئده أي مثله، والجمع ألآم وأرآد. وقوله عز وجل: سواء منكم من أسر القول ومن جهر به، معناه أن الله يعلم ما غاب وما شهد، والظاهر في الطرقات، والمستخفي في الظلمات، والجاهر في نطقه، والمضمر في نفسه، علم الله بهم جميعا سواء. وسواء تطلب اثنين، تقول: سواء زيد وعمرو في معنى ذوا سواء زيد وعمرو، لأن سواء مصدر فلا يجوز أن يرفع ما بعدها إلا على الحذف، تقول عدل زيد وعمرو، والمعنى ذوا عدل زيد وعمرو، لأن المصادر ليست كأسماء الفاعلين وإنما يرفع الأسماء أوصافها، فأما إذا رفعتها المصادر فهي على الحذف كما قالت الخنساء: