شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٣ - الصفحة ١٦١
ويغزيان ويرضيان، بخلاف يدعو ويغزو، وقنية وهو ابن عمى دنيا شاذ، وطيئ تقلب الياء في باب رضي وبقى ودعى ألفا وتقلب الواو طرفا بعد ضمة في كل متمكن ياء فتنقلب الضمة كسرة كما انقلبت في الترامي والتجاري - فيصير من باب قاض، نحو أدل وقلنس، بخلاف قلنسوة وقمحدوة، وبخلاف العين كالقوباء والخيلاء، ولا أثر للمدة الفاصلة في الجمع إلا في الاعراب، نحو عتى وجثى، بخلاف المفرد، وقد تكسر الفاء للاتباع فيقال: عتى وجثى، ونحو نحو شاذ، وقد جاء نحو معدى ومغزى كثيرا، والقياس الواو " أقول: اعلم أن الواو المتحركة المكسور ما قبلها لا تقلب ياء لتقويها بالحركة إلا بشرطين: أحدهما أن تكون لاما، لان الاخر محل التغيير، فهي إذن تقلب ياء، سواء كانت في اسم كرأيت الغازي، أو فعل: مبنيا للفاعل كان كرضى من الرضوان، أو للمفعول كدعى، وسواء صارت في حكم الوسط بمجئ حرف لازم للكلمة بعدها نحو غزيان على فعلان من الغزو، وغزية على فعلة منه، مع لزوم التاء كما في عنصوة، أو لم تصر كما في غازية، وقولهم مقاتوة في جمع مقتوى شاذ (1) ووجه تصحيحه

(1) تقول: قتوت أقتو قتوا ومقتى مثل غزوت أغزو غزوا ومغزى، ومعناه كنت خادما للملوك. قال الشاعر:
إني امرؤ من بنى فزارة لا * أحسن قتو الملوك والخببا وقد قالوا للخادم: مقتوى - بفتح الميم وتشديد الياء آخره - وكأنهم نسبوه إلى المقتى الذي هو مصدر ميمي بمعنى خدمة الملوك، وقالوا: مقتوين بمعنى خدم الملوك، مثل قول عمرو بن كلثوم التغلبي:
بأي مشيئة عمرو بن هند * تكون لقيلكم فيها قطينا؟
تهددنا وأوعدنا رويدا، * متى كنا لامك مقتويا؟
وقد اختلف العلماء في ضبطه وتخريجه، فضبطه أبو الحسن الأخفش بضم الميم وكسر الواو، على أنه جمع مقتو اسم فاعل من اقتوى، وأصله مقتوو بوزن مفعلل قلبت الواو الأخيرة ياء، لتطرفها إثر كسرة، ثم يعل ويجمع كما يعل ويجمع قاض، وأصل اقتوى اقتوو، قلبت الواو الثانية ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، ولم يدغموا كما يدغمون في احمر، لان الاعلال مقدم على الادغام، وذلك كما في ارعوى، ويدل لصحة ما ذهب إليه أبو الحسن قول يزيد بن الحكم يعاتب ابن عمه:
تبدل خليلا بن كشكلك شكله * فإني خليلا صالحا بك مقتوى وذهب غير واحد من الأمة إلى أن مقتوين بفتح الميم وكسر الواو، ولهم فيه تخريجان ستسمعهما بعد فيما نحكيه من أقوالهم، وحكى أبو زيد وحده فتح الواو مع أن الميم مفتوحة قال المؤلف في شرح الكافية (ح 2 ص 153) في الكلام على مواضع تاء التأنيث: " السادس أن تدخل أيضا على الجمع الأقصى دلالة على أن واحده منسوب كالأشاعثة والمشاهدة في جمع أشعثي ومشهدي، وذلك أنهم لما أرداوا أن يجمعوا المنسوب جمع التكسير وجب حذف ياءى النسب، لان ياء النسب والجمع لا يجتمعان، فلا يقال في النسبة إلى رجال: رجالي بل رجلي كما يجئ في باب النسبة إن شاء الله، فحذفت ياء النسبة ثم جمع بالتاء فصار التاء كالبدل من الياء كما أبدلت من الياء في نحو فرازنة وجحاجحة كما يجئ، وإنما أبدلت منها لتشابه الياء والتاء في كونهما للوحدة كتمرة ورومي، وللمبالغة كعلامة ودوارى، ولكونهما زائدتين لا لمعنى في بعض المواضع كظلمة وكرسي، وقد تحذف ياء النسب إذا جمع الاسم جمع السلامة بالواو والنون لكن لا وجوبا كما في جمع التكسير، وإنما يكون هذا في اسم تكسيره - لو جمع - على وزن الجمع الأقصى كالأشعرون والأعجمون في جمع أشعري وأعجمي وكذا المقتوون والمقاتوة في جمع مقتوى، قال:
* متى كنا لامك مقتوينا * والتاء في مثل هذا المكسر لازمة، لكونها بدلا عن الياء ولو كان جمع المعرب أو جمع المنسوب غير الجمع الأقصى لم تأت فيه بالتاء فلا تقول في جمع فارسي:
فرسة، بل فرس، ولا في جمع لجام: لجمة، بل لجم، وكأن اختصاص الأقصى بذلك ليرجع الاسم بسبب التاء إلى أصله من الانصراف " اه‍. وقال أيضا في باب جمع السلامة (ح 2 ص 172) ما نصه: " وحكى عن أبي عبيدة وأبى زيد جعل نون مقتوين معتقب الاعراب، ولعل ذلك لان القياس مقتويون - بياء النسب - فلما حذف ياء النسب صار مقتوون كقلون وقوله:
* متى كنا لامك مقتوينا * الألف فيه بدل من التنوين إن كان النون معتقب الاعراب، وإلا فالألف للاطلاق، وحيا جميعا: رجل مقتوين، ورجلان مقتوين، ورجال مقتوين، قال أبو زيد: وكذا للمرأة والمرأتين والنساء، ولعل سبب تجرئهم على جعل مقتوين للمثنى والمفرد المذكر والمؤنث مع كونه في الأصل جمع المذكر كثرة مخالفته للجموع، وذلك من ثلاثة أوجه: كون النون معتقب الاعراب، وحذف ياء النسب الذي في الواحد وهو مقتوى، وإلحاق علامة الجمع بما بقى منه وهو مقتو مع عدم استعماله، ولو استعمل لقلب واوه ألفا فقيل: مقتى، ولجمع على مقتون - كأعلون - لا على مقتوون، وإنما قلنا: إن واحده مقتو المحذوف الياء كما قال سيبويه في المهلبون والمهالبة: إنه سمى كل واحد منهم باسم من نسب إليه، فكان كلا منهم مهلب، لان الجمع في الظاهر للمحذوف منه ياء النسب، ويجوز أن يقال: إن ياء النسب في مثل مقتوون والأشعرون والأعجمون حذف بعد جمعه بالواو والنون، وكان الأصل مقتويون وأشعريون وأعجميون، وحكى أبو زيد في مقتوين فتح الواو قبل الياء في من جعل النون معتقب الاعراب نحو مقتوين، وذلك أيضا لتغييره عن صورة الجمع بالكلية لما خالف ما عليه جمع السلامة " اه‍ وقال أبو الحس الأخفش في شرح نوادر أبى زيد (188): القياس - وهو مسموع من العرب أيضا - فتح الواو من مقتوين فنقول: مقتوين: فيكون الواحد مقتى فاعلم، مثل مصطفى فاعلم، ومصطفين إذا جمعت، ومن قال مقتوين فكسر الواو فإنه يفرده في الواحد والتثنية والجمع والمؤنث، لأنه عنده مصدر فيصير بمنزلة قولهم: رجل عدل وفطر وصوم ورضى وما أشبهه، وذلك أن المصدر لا يثنى ولا يجمع، لأنه جنس واحد، فإذا قلت رجل عدل وما أشبهه فتقديره عندنا رجل ذو عدل فحذفت ذو وأقمت عدلا مقامه فجرى مجرى قوله عز وجل (واسأل القرية) وهذا في المصادر بمنزلة قولهم: إنما فلان الأسد وفلانة الشمس يريدون مثل الأسد ومثل الشمس، فإذا حذفوا مرفوعا جعلوا مكانه مرفوعا، وكذلك يفعلون في النصب والخفض فأما أبو العباس محمد بن يزيد فأخبرني أن جمع مقتوين عند كثير من العرب مقاتوة، فهذا يدلك على أنه في هذه الحكاية غير مصدر وليس بجمع مطرد عليه باب، ولكنه بمنزلة الباقر والجامل والكليب والعبيد، فهذه كلها ما أشبهها عندنا أسماء للجميع وليست بمطردة، وهي - وإن كان لفظها من لفظ الواحد - بمنزلة نفر ورهط وقوم وما أشبهه، ويقال: مقت الرجل إذا خدم، فهذا بين في هذا الحرف " اه‍
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الإمالة 4
2 تعريف الإمالة وسببها. بين اللفظين. الترقيق 4
3 أسباب الإمالة ليست بموجبة لها 5
4 عدم تأثير الكسرة في الألف المنقلبة عن واو 8
5 مواضع تأثير الياء في الإمالة الألف 9
6 إمالة الألف المنقلبة عن مكسور في الفعل 10
7 إمالة الألف الصائرة ياء 11
8 الإمالة للإمالة 13
9 إمالة ألف التنوين 14
10 حروف الاستعلاء تمنع الإمالة وشروط ذلك 14
11 أثر الراء في الإمالة 20
12 إمالة الفتحة قبل هاء التأنيث 24
13 حظ الحروف والأسماء المبنية من الإمالة 26
14 إمالة عسى 26
15 إمالة أسماء حروف التهجي 27
16 إمالة الفتحة منفردة 27
17 تخفيف الهمزة. أنواعه وشرطه 30
18 كان أهل الحجاز ولا سيما قريش لا يهمزون 32
19 تخفيف الهمزة الساكنة 32
20 تخفيف الهمزة المتحركة الساكن ما قبلها 32
21 تخفيف الهمزة المتحركة المتحرك ما قبلها 44
22 التزام حذف همزة خذ و كل في التخفيف دون مر 50
23 تخفيف ما أوله همزة إذا دخلت عليه أل 51
24 تخفيف الهمزتين المجتمعتين في كلمة إذا تحركت الأولى فقط 52
25 تخفيف الهمزتين المجتمعتين في كلمة إذا سكنت الأولي وتحركت الثانية 53
26 تخفيف الهمزتين المجتمعتين في كلمة إذا تحركتا 53
27 رأى العلماء في تخفيف الجموع التي آخرها ياء قبلها همزة نحو مطايا 59
28 طريق التخفيف فيما توالى فيه أكثر من همزتين 62
29 تخفيف الهمزة المجتمعتين في كلمتين 63
30 الإعلال 66
31 تعريف الإعلال وأنواعه وحروفه 66
32 مواقع الواو والياء في الكلمات 71
33 قلب الواو همزة إذا كانت فاء 76
34 قلب كل من الواو والياء تاء إذا وقع فاء 80
35 قلب الواو ياء والياء واوا 83
36 حذف كل من الواو والياء إذا وقع فاء 87
37 قولهم لا يجمع بين إعلالين في كلمة فيه نظر 93
38 قلب الواو والياء ألفا إذا وقعتا عينين 95
39 تصحيح العين عند اعتلال اللام 112
40 اللغات في استحى وتخريج العلماء لها 119
41 صيغ ظاهرها ما يقتضى الإعلال ولكن لم تعل، وسبب ذلك 123
42 قلب كل من الياء والواو همزة إذا وقع عينا 127
43 حكم الياء إذا كانت عينا لفعلي 134
44 حكم الواو المكسور ما قبلها إذا وقعت عينا 137
45 قلب الواو ياء إذا اجتمع مع ياء 139
46 الإعلال بالنقل 143
47 لغات الأجوف المبنى للمفعول 155
48 شروط إعلال العين في الاسم غير الثلاثي 156
49 قلب الواو والياء ألفا إذا وقعتا لأمين 157
50 قلب الواو ياء إذا وقعت لاما 160
51 قلب كل من الواو والياء همزة إذا وقع طرفا 173
52 قلب الياء واوا والواو ياء في الناقص 177
53 قلب الياء ألفا والهمزة ياء في فعائل وشبهه 179
54 مواضع إسكان الواو والياء 182
55 مواضع حذف الواو والياء إذا كانتا لأمين 185
56 حذف اللام سماعا 186
57 حكم الياءين المجتمعتين من حيث الإعلال وعدمه 186
58 حكم الياءات الثلاثة إذا اجتمعت 187
59 حكم الياءات الأربعة إذا اجتمعت 191
60 حكم الواوين إذا اجتمعتا 193
61 حكم الواوات الثلاثة إذا اجتمعت في الآخر 195
62 حكمها إذا اجتمعت في الوسط 196
63 حكم الواوات الأربعة إذا اجتمعت 196
64 الابدال 197
65 تعريف الابدال وأماراته حروف الابدال 199
66 مواطن إبدال الهمزة 203
67 مواطن إبدال الألف 208
68 مواطن إبدال الياء 209
69 مواطن إبدال الواو 213
70 مواطن إبدال الميم 215
71 مواطن إبدال النون 218
72 مواطن إبدال التاء 219
73 مواطن إبدال الهاء 222
74 مواطن إبدال اللام 226
75 مواطن إبدال الطاء مواطن إبدال الدال 227
76 مواطن إبدال الجيم 229
77 مواطن إبدال الصاد 230
78 مواطن إبدال الزاي 231
79 أنحاء الصاد نحو الزاي وإشمام السين صوت الزاي 232
80 قلب السين زايا عند كلب 233
81 إشراب الجيم والشين صوت الزاي 233
82 الادغام 234
83 إدغام المثلين والمتقاربين 235
84 حكم الهمزتين المتجاورتين من حيث الادغام وعدمه 236
85 حكم الواو والياء الساكنين إذا وليهما متحرك كذلك 237
86 لم يضع العرب اسما أو فعلا رباعيا أو خماسيا فيه حرفان أصليان متماثلا متصلان 238
87 ليس في الأسماء التي توازن الافعال مزيد في أوله أو وسطه مثلان متحركان 239
88 حكم اجتماع المثلين في أول الكلمة ووسطها 239
89 حكم اجتماع المثلين في آخر الكلمة 240
90 حكم اجتماع المثلين في كلمتين 247
91 مخارج الحروف الأصلية 250
92 مخارج الحروف الفرعية 254
93 صفات الحروف 257
94 طريق إدغام المتقاربين 264
95 امتناع إدغام المتقاربين للبس أو ثقل 266
96 امتناع إدغام المتقاربين للمحافظة على صفة الحرف 269
97 المسوغ الإدغام كل من الواو والياء في صاحبه 270
98 المسوغ الإدغام النون في اللام 271
99 دواعي إخفاء النون في غير حروف الحلق 272
100 إدغام حروف الحلق 276
101 إدغام اللام المعرفة 279
102 ادغام النون جوازا 280
103 ادغام التاء والدال والذال والطاء والظاء والثاء 280
104 ادغام تاء الافتعال والادغام فيها 283
105 ادغام تاء المضارعة في تتفعل وتتفاعل وتخفيفها 290
106 إدغام تاء تفعل وتفاعل ماضيين 291
107 الحذف 292
108 مسائل التمرين 294
109 الخط 312
110 الأصل في الكتابة تصوير اللفظ بحروف هجائه 312
111 الأصل في الكتابة أن تكون بالنظر للابتداء والوقف 315
112 كتابة الهمزة أولا ووسطا وآخرا 319
113 الفصل والوصل 325
114 الزيادة 327
115 النقص 328
116 البدل 332