الفروق اللغوية - أبو هلال العسكري - الصفحة ٤٣٩
فلا (1) يقال لمن شبه شيئا بشئ من غير أن يحمل أحدهما على الآخر ويجري حكمه عليه قايس، ولو جاز ذلك لجاز أن يسمى الله تعالى قايسا لتشبيه الكافر بالميت والمؤمن بالحي والكفر بالظلمة والايمان بالنور، ومن قال القياس استخراج الحق من الباطل فقد أبعد لان النصوص قد يستخرج بها ذلك ولا يسمى قياسا، ومثال القياس قولك إذا كان ظلم المحسن لا يجوز من حكيم فعقوبة المحسن لا تجوز منه، والفقهاء يقولون هو حمل الفرع على الأصل لعلة الحكم، والاجتهاد موضوع في أصل اللغة لبذل المجهود، ولهذا يقال اجتهد في حمل الحجر إذا بذل مجهوده فيه ولا يقال اجتهدت في حمل النواة، وهو عند المتكلمين ما يقتضي غلبة الظن في الاحكام التي كل مجتهد فيها مصيب ولهذا يقولون قال أهل الاجتهاد كذا وقال أهل القياس كذا فيفرقون بينهما، فعلى هذا الاجتهاد أعم من القياس لأنه يحتوي على القياس وغيره، وقال الفقهاء الاجتهاد بذل المجهود في تعرف حكم الحادثة من النص لا بظاهره ولا فحواه، ولذلك قال معاذ: أجتهد رأيي فيما لا أجد فيه كتابا ولا سنة، وقال الشافعي: الاجتهاد والقياس واحد وذلك أن الاجتهاد عنده هو أن يعلل أصلا ويرد غيره إليه بها، فأما الرأي فما أوصل إليه الحكم الشرعي من الاستدلال والقياس ولذلك قال معاذ: أجتهد رأيي، وكتب عمر هذا ما رأى عمر وقال علي عليه السلام: رأي ورأي عمر أن لا يبعن ثم رأيت بيعهن، يعني أمهات الأولاد، وفيه دلالة على بطلان قول من يرد الرأي ويذمه، والترجيح ما أيد به العلة والخبر إذا قابله ما يعارضه، والاستدلال أن يدل على أن

(1) " ولا خ ل ".
(٤٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 ... » »»
الفهرست