هذه المائتي دينار، واستعن بها في مؤونتك ونفقتك، وتبرك بها، ولا تصدق بها عني، واخرج فلا أراك ولا تراني، ثم خرج.
فقال له سليمان: جعلت فداك، لقد أجزلت ورحمت، فلماذا سترت وجهك عنه؟
فقال: مخافة أن أرى ذل السؤال في وجهه لقضائي حاجته، أما سمعت حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله): " المستتر بالحسنة تعدل سبعين حجة، والمذيع بالسيئة مخذول، والمستتر بها مغفور له ".
أما سمعت قول الأول:
متى آته يوما لأطلب حاجة * رجعت إلى أهلي ووجهي بمائه (1) فهو (عليه السلام) يحتجب عن السائل عندما يقدم له العطاء، لكي لا ينظر لذل السؤال في وجهه، ولكي يحتفظ السائل بعزة نفسه حين يستتر عنه المعطي، ويطلب منه أن يخرج دون أن يراه صونا للسائل عن تقديم الامتنان له، وصونا لنفسه من الشعور بالمنة على سائله.
3 - وفي (المناقب) عن يعقوب بن إسحاق النوبختي، قال: مر رجل بأبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فقال له: أعطني على قدر مروءتك، قال: لا يسعني ذلك. فقال: على قدر مروءتي، قال: أما هذا فنعم. ثم قال: يا غلام، أعطه مائتي دينار.