ولا بد أن يعيد مسار الحكم العباسي على ما كان عليه، وينهي هذه اللعبة ويصفيها بعد وصوله إلى هدفه المنشود وسيطرته على سدة الحكم، وانقياد الجميع له بالبيعة والاعتراف بخلافته.
وبعد أن تم له ذلك صمم على التخلص من ولي عهده - الإمام الرضا (عليه السلام) - وإزاحته عن طريقه، وتصفيته جسديا، بأي وسيلة كانت، وسنذكر ذلك وتحليله فيما بعد.
أعود من حيث أفضيت، فأقول:
كان نصيب ولاية العهد للإمام الرضا (عليه السلام) من قبل المؤرخين الإهمال والتجاهل والتقليل ما أمكنهم من أهمية هذا الحدث وخطره، وأن يحيطوا أسبابه ودوافعه بستار من الكتمان، كما حدث لأسلافهم تجاهل بيعة يوم الغدير للإمام علي (عليه السلام) بإمرة المؤمنين وعهد الولاية، بأمر الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد ونص الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) وتبليغه الامة بالرسالة، " من كنت مولاه فعلي مولاه " (1).
وعندما كانت أسئلة المسلمين توجه إلى الكتاب والمؤرخين، تراهم يتلعثمون ويرددون أقوال الحكام وما يريدونه في تفهيم الناس، دون أن يكون الجواب مقنعا، أو شافيا، وترى الناس حيارى بين مصدق ومكذب.
ربما يكون للمؤرخين القدامى ظروفهم الخاصة في تجاهل الأحداث والتقليل من أهميتها سواء كان ذلك سياسيا أو اجتماعيا أو مذهبيا.