العشاء فينام، فإذا أصبح انصرف إلى منزله، قال: فمكث على هذه الحال أربع سنين.
فلما كان في ليلة من الليالي أبطأ عنا وفرش له، فلم يأت كما كان يأتي، فاستوحش العيال وذعروا، ودخلنا أمر عظيم من إبطائه، فلما كان من الغد أتى الدار ودخل إلى العيال، وقصد إلى أم أحمد، فقال لها: هاتي الذي أودعك أبي، فصرخت ولطمت وجهها، وشقت جيبها، وقالت: مات والله سيدي، فكفها وقال لها: لا تكلمي بشيء ولا تظهريه حتى يجيء الخبر إلى الوالي.
فأخرجت إليه سفطا وألفي دينار، أو أربعة آلاف دينار، فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره، وقالت: إنه قال لي فيما بيني وبينه، وكانت أثيرة (1) عنده: " احتفظي بهذه الوديعة عندك، لا تطلعي عليها أحدا حتى أموت، فإذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك، فادفعيها إليه، واعلمي أني قد مت "، وقد جاءتني والله علامة سيدي.
فقبض (عليه السلام) ذلك منها، وأمرهم بالإمساك جميعا إلى أن ورد الخبر، وانصرف فلم يعد لشيء من المبيت كما كان يفعل، فما لبثنا إلا أياما يسيرة حتى جاءت الخريطة (2) بنعيه، فعددنا الأيام وتفقدنا الوقت، فإذا هو قد مات في الوقت الذي فعل أبو الحسن الرضا (عليه السلام) ما فعل من تخلفه عن المبيت وقبضه لما قبض (3).