في الأبواء، حين مبايعة محمد بن عبد الله بن الحسن ذي النفس الزكية بالخلافة، وقد اتجهت إلى حمل بني العباس إلى سدة الحكم بقيادة أبي مسلم الخراساني باتفاق سري مسبق " أمر دبر بليل "، والذي ثبت ركائز الحكم العباسي جيوش خراسان وزحفها على بغداد ودمشق.
ولم يثبت الحكم العباسي إلا على بحور من الدماء، وجبال من جثث الضحايا بما فيهم الأبرياء والعجزة والمرضى والشيوخ والأطفال.
كما أن الإجراءات التعسفية القاسية التي مارسها المنصور العباسي وسنها، خاصة ضد أبناء عمه العلويين، تركت أعمق الأثر وأمضه في نفسي الإمامين الصادق والكاظم (عليهما السلام) خاصة بعدما نكل المنصور بأبناء عمه الحسنيين أفظع التنكيل وأشده، ومن خلفيات هذه الهجمة الشرسة ونتائجها، وامتدادا لظلم السلف المتعسف وقعت المذبحة الرهيبة التي راح ضحيتها المئات من العلويين في واقعة " فخ " قرب مكة. وكان في مقدمة الشهداء قائدهم الثائر الحسين بن علي ابن الحسن في عهد موسى الهادي.
إن حياة الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) بجميع أبعادها تتميز بالصلابة في الحق، والصمود أمام الأحداث الرهيبة بأسلوبها السلبي، وبالسلوك النير الواضح الذي لم يؤثر فيه أي انحراف أو التواء أو إغراء أو إرهاب، وإنما كان متسما بالتوازن، ومنسجما مع سيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وهديه، والتزامه بحرفية الإسلام.
وكان من بين تلك المظاهر الفذة التي تميزت بها شخصيته (عليه السلام) هو الصبر على الأحداث الجسام، وتحمل المحن الشاقة التي لاقاها من طغاة عصره وحكام زمانه، فقد أمعنوا في اضطهاده والتنكيل به، وقد حاول الحكام العباسيون، لا سيما المهدي منهم والرشيد على قتل الإمام واغتياله عدة مرات وبأساليب مختلفة،