مدخل إلى دراسة نص الغدير - الشيخ محمد مهدي الآصفي - الصفحة ٦
وهذا الصراع ما كان له أن يحدث، وما كان لتلك الفرقة التي شقت صف الأمة على امتداد الأجيال، وأغرقتها بالمواجهة الدموية أن تقع بهذا الشكل الذي حدث، لو أن المسلمين تمسكوا بما صدر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بيان وتشخيص في هذه المسألة.
فقد حرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على مستقبل الأمة، وحفظ مسيرتها منذ بدء الدعوة فلم يكن ليدعها تتخبط في الفوضى والخلاف، وهو الحكيم المؤتمن على هذه الرسالة ومصير الأمة، الذي وصفه رب العزة بقوله: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) التوبة: 128.
ولقد أرخ رواة الحديث مسألة الإمامة وتشخيص الإمام علي بن أبي طالب مستحقا لها على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعينا له، بدءا من بداية الدعوة في حديث إنذار العشيرة، يوم جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني هاشم، ودعاهم إلى الإسلام، فلم يجيبوه، فنادى فيهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فأحجم القوم إلا عليا، وهو أصغر القوم يومئذ حيث قام وقال: أنا يا رسول الله، فقال: أنت (1).
ويسجل التاريخ والرواة، وعلماء السير أن أبرز حدث تأريخي في حياة الأمة قد حدث بعد رجوع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حجة الوداع حيث استوقف الحجيج قرب ماء يدعى غدير خم. وألقى فيه خطبته الشهيرة خطبة الوداع، التي جاء فيها:... أيها الناس إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.....

(1) مسند أحمد: 1 / 178 ج 885، تاريخ الطبري - بتحقيق محمد أبو الفضل: 2 / 319 - 321، شواهد التنزيل - تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي: 1 / 542.
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 4 5 6 7 8 10 11 12 13 14 15 ... » »»