عنه بلا واسطة أمر بينه وبين المراد، وبعبارة أخرى تتعلق بوقوع أمر بدون واسطة أمر آخر، سواء كان في خارج عالم الإختيار والأسباب والمسببات، أو في عالم الإختيار والأسباب، فلا تتخلف الإرادة عن المراد حتى إذا كانت متعلقة بأمر اختياري لولا هذه الإرادة، وبماله أسباب كثيرة، لأنه بعد ما أراد وقوعه مطلقا، بدون واسطة الأسباب واختيار فاعل مختار، يقع لا محالة كما أراد.
وأخرى تتعلق بما يصدر عن العبد بالاختيار، أو بوقوع ما يكون له أسباب متعددة كذلك أعني: باختياره وبواسطة الأسباب، ففي مثله حصول المراد وتحققه، وعدم تخلف الإرادة عن المراد إنما يكون بصدوره عن العبد بالاختيار، وبكونه مسببا لهذه الأسباب، ففي هذه الصورة لا تنافي بين إرادته المتعلقة بما يقع في عالم الإختيار والأسباب والمسببات، وتوسط الوسائط والأسباب، بل لو وقع بغير اختيار العبد أو تأثر الأسباب، لكان من تخلف المراد عن إرادته.
وبناء على هذا نقول: إن قضية إذهاب الرجس عنهم (عليهم السلام)، وتعلق إرادته تعالى به التي لا تتخلف عن مراده هي عصمتهم، وعدم صدور القبائح منهم، وطهارتهم عن الأرجاس حال كونهم مختارين في الفعل والترك، غير مقهورين، محفوفين بشواغل عالم الطبيعة، مما يدعو النفوس إلى الانصراف عن الملأ الأعلى، والاشتغال بذكر الله تعالى.
تحقيق دقيق ولنا تحقيق دقيق في سد ثغور دلالة هذه الآية على عصمة الأئمة (عليهم السلام)، ألهمنا الله تعالى ببركة ما حققه الرجل الإلهي، الفريد في عصره، الإمام في العلوم الإسلامية، سيدنا الأستاذ البروجردي، أعلى الله في الفردوس مقامه، في مباحثه في أصول الفقه في مبحث الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي، ورفع التنافي المتوهم بينهما تذكرة ومماشاة لمن يصر على كون الإرادة في الآية تشريعية.
فنقول مستمدين العون من الله تعالى: إعلم أن الإرادة التشريعية هي عبارة عن الحكم بالشئ بأنه ينبغي أن يفعل، أو لا يفعل أعني: الأمر والنهي، والطلب والزجر ليكون الأمر داعيا له إلى فعل ما أمر به، وزاجرا له عن فعل ما نهى عنه،