الأستاذ شفيق العبادي شفيق العبادي حس نابض بحيوية العاطفة وصدقها، بجرأة المواجهة يغني موالا مفردا بأسى عميق لكن بلا دموع، فهو يحتفل بحزنه الخاص على طريقته الخاصة أيضا، لذا فهو يعزف تحت شرفة الذكرى، يعزف على أوتار الشوق اليانع والحنين المعطر لكي تطل عليه الليلة بحزنها وذكرياتها ليتم لقاؤه بها، فينثر بين كفيها قصائده النابعة من القلب بأحرفها المطفآت ليعبر لها عن الخيبة والمرارة لأنه صادق العواطف لكنه يصاب بالبله أمام جلالها الآسر فلا يمنحها إلا خواء قصائده التي تضمد أحزانها بعد اللقاء وتطير في سماواتها لتبقى الذكرى وحدها في عملية مستحيلة لغرس الدماء.
ويرجع العبادي ثانية ليعزف على وتر آخر هو وتر العشق ليرقص قصيدته المخدوشة في حيائها في الموكب العام للحزن، في الاحتفالية الجماعية بقدوم الذكرى.
يحس العبادي بتفرده فيسلك سلوكا مغايرا للسائد والمتعارف وكل ذلك بسبب من علاقة حضور صوفية أسماها (الوجد) تضيع فيها اللغة وتعود للحروف بكارتها الأولى فلا يستطيع الواجد الصوفي أن يرى اغتصاب الحروف فيلجأ إلى نوع من الصمت الناطق بالحيرة والذهول والتفرد والانتحاء عن السرب والتحليق المنفرد التائه لأنه يعير أجنحته للريح لضياع أمكنته فلا أفق له، لكن عيون الذكرى تستوطن الشعر وتشعل انطفاءاته ليبتدئ البحث عن لغة حسية بطعم العشق ولونه