فيخدعون الآخرين وخصوصا أتباعهم بكل وسيلة وحيلة من أجل البقاء على سلامة رؤوسهم ، ولو كلف ذلك إبادتهم جميعا!!.
(فكان - صلوات الله عليه - في جميع فترات حياته لم يوارب ولم يخادع، ولم يسلك طريقا فيه أي التواء، وإنما يسلك الطريق الواضح الذي يتجاوب مع ضميره الحي، وابتعد على المنعطفات التي لا يقرها دينه وخلقه، وكان من ألوان ذلك السلوك النير أن الوليد حاكم يثرب دعاه في غلس الليل، وأحاطه علما بهلاك معاوية، وطلب منه البيعة ليزيد مكتفيا بها في جنح الظلام، فامتنع (عليه السلام) وصارحه بالواقع قائلا: يا أمير إنا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد فاسق فاجر، شارب الخمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق والفجور ، ومثلي لا يبايع مثله (1)، وكشفت هذه الكلمات عن مدى صراحته، وسمو ذاته، وقوة العارضة عنده في سبيل الحق.
ومن ألوان تلك الصراحة التي اعتادها وصارت من ذاتياته أنه لما خرج إلى العراق وافاه النبأ المؤلم وهو في أثناء الطريق بمقتل سفيره مسلم بن عقيل (عليه السلام) ، وخذلان أهل الكوفة له، فقال للذين اتبعوه طلبا للعافية لا للحق:... فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف، ليس عليه منا ذمام (2)، فتفرق عنه ذوو الأطماع، وبقى معه الصفوة من أهل بيته.
لقد تجنب (عليه السلام) في تلك الساعات الحرجة التي يتطلب فيها إلى الناصر _