كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٨٧
بمعنى أن دولة الخلافة كانت تعلم بخروج الحسين، وكان بإمكانها اللحوق به فهو يسير على الطريق العام، ولكنها لم تلحق به لأن خروجه من المدينة كان جزء من خطتها لقتله بعيدا عمن يعرفونه معرفة حقيقية.
وقدر معاوية وأركان دولته أن الحسين سيصل إلى مكة بالضرورة، ولا خطر على دولة معاوية من وصول الحسين إلى مكة لأن أكثرية سكانها من أبناء بطون قريش ال‍ 23 ومواليهم وأحابيشهم وهي الأكثرية نفسها التي كانت مشركة، واضطرت مكرهة لإعلان إسلامها وهي تعرف تاريخ الصراع وحصيلته وهي موتورة ومن المحال أن تقف مع الإمام الحسين، ووصل الحسين بالفعل إلى مكة، صحيح أن مكة لن تقف معه، ولكن وجود الحسين في مكة ومعرفة وفود الحجيج سنويا بوجوده يشكل خطرا، لذلك يتوجب إبعاده عن مكة، حسب خطة معاوية، وبالتالي يجب قتله وأهل بيته في مكان ناء بعيدا عن معارفه!!! الذين يعرفونه معرفة حقيقية، والذين يعرفونه معرفة سطحية، وليس من المستبعد بأن معاوية الذي يشرف على مخابرات دولة عظمى وتأتيه كل أنبائها، على علم بأن الحسين وأهل بيت النبوة سيقتلون في كربلاء، وطمعا بأن يقتلوا في كربلاء رتب مع ابنه وأركان دولته جر الحسين وأهل بيته من مكة إلى كربلاء.
لقد كان أمير دولة البطون على مكة على علم بوجود الحسين وعلى علم بامتناع الحسين عن المبايعة، وعلى علم بمشاعر أكثرية سكان مكة نحو الحسين، كان بإمكانه أن يجهز جيشا قوامه ألف مقاتل بمدة لا تتجاوز يومين وكان بإمكانه أن يقتل الحسين وأهل بيت النبوة ولكنه لم يفعل، ولم يتعرض للحسين إلا تعرضا بسيطا، قال الطبري، وابن الأثير، وابن كثير، والبلاذري: " فاعترضته رسل الوالي من قبل يزيد عمرو بن سعيد، وتدافع الفريقان واضطربوا بالسياط، وامتنع الحسين وأصحابه منهم امتناعا قويا ". (1).
ودليل آخر على صحة ما ذهبنا إليه أن الإمام الحسين عندما خرج من

(١) راجع تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢١٧ - ٢١٨، وابن الأثير ج ٤ ص ١٧، وابن كثير ج ٨ ص ١٦٦، وأنساب الأشراف ص ١٦٤.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327