بمعنى أن دولة الخلافة كانت تعلم بخروج الحسين، وكان بإمكانها اللحوق به فهو يسير على الطريق العام، ولكنها لم تلحق به لأن خروجه من المدينة كان جزء من خطتها لقتله بعيدا عمن يعرفونه معرفة حقيقية.
وقدر معاوية وأركان دولته أن الحسين سيصل إلى مكة بالضرورة، ولا خطر على دولة معاوية من وصول الحسين إلى مكة لأن أكثرية سكانها من أبناء بطون قريش ال 23 ومواليهم وأحابيشهم وهي الأكثرية نفسها التي كانت مشركة، واضطرت مكرهة لإعلان إسلامها وهي تعرف تاريخ الصراع وحصيلته وهي موتورة ومن المحال أن تقف مع الإمام الحسين، ووصل الحسين بالفعل إلى مكة، صحيح أن مكة لن تقف معه، ولكن وجود الحسين في مكة ومعرفة وفود الحجيج سنويا بوجوده يشكل خطرا، لذلك يتوجب إبعاده عن مكة، حسب خطة معاوية، وبالتالي يجب قتله وأهل بيته في مكان ناء بعيدا عن معارفه!!! الذين يعرفونه معرفة حقيقية، والذين يعرفونه معرفة سطحية، وليس من المستبعد بأن معاوية الذي يشرف على مخابرات دولة عظمى وتأتيه كل أنبائها، على علم بأن الحسين وأهل بيت النبوة سيقتلون في كربلاء، وطمعا بأن يقتلوا في كربلاء رتب مع ابنه وأركان دولته جر الحسين وأهل بيته من مكة إلى كربلاء.
لقد كان أمير دولة البطون على مكة على علم بوجود الحسين وعلى علم بامتناع الحسين عن المبايعة، وعلى علم بمشاعر أكثرية سكان مكة نحو الحسين، كان بإمكانه أن يجهز جيشا قوامه ألف مقاتل بمدة لا تتجاوز يومين وكان بإمكانه أن يقتل الحسين وأهل بيت النبوة ولكنه لم يفعل، ولم يتعرض للحسين إلا تعرضا بسيطا، قال الطبري، وابن الأثير، وابن كثير، والبلاذري: " فاعترضته رسل الوالي من قبل يزيد عمرو بن سعيد، وتدافع الفريقان واضطربوا بالسياط، وامتنع الحسين وأصحابه منهم امتناعا قويا ". (1).
ودليل آخر على صحة ما ذهبنا إليه أن الإمام الحسين عندما خرج من