من عاقبة السوء، أما رعايا دولة الخلافة، فلا تكاد تحس أن فيهم رجلا واحدا يكتم إيمانه، وإن وجد مثل هذا الرجل، فهو مصاب بالخرس فلا ينطق، وأعمى فلا يرى، ويداه مقطوعتان فلا يقوى حتى على الإشارة كما يفعل!!!.
لقد نجح الخلفاء بإذلال المسلمين إذلالا تاما، وفي مناخ الذل أدمن المسلمون بالحياة مع الذل، وتعودوا عليها فيمكن للخليفة أن يهدم الكعبة وقد هدمها بالفعل مرتين، ويمكن أن يدوس أقدس المقدسات، وأن يقتل حتى أهل بيت النبوة ولا يجرؤ أحد من الناس أن يقول له كلمة " أف "، لأنه لا عطاء ولا رزق ولا مكان في دولة الخلافة لمن يقول للخليفة أو لأركان دولته: لا!!! لقد سيطرت دولة الخلافة على وسائل الإعلام، ووضعت مناهج التربية والتعليم التي تخدم غاياتها، وفرضت تلك المناهج على الرعية، وشكلت الفهم العام عن الإسلام، ثم فرضت كل ذلك على المسلمين بقوتها ونفوذها وعبر إعلامها ومناهجها التربوية والتعليمية، وبتعبير أدق فإن الغاية عند دولة الخلافة تبرر الوسيلة، فأي وسيلة تخدم الخليفة ودولته وتساعده على الاحتفاظ بملكه وما في يديه مباحة بغض النظر عن شرعيتها أو عدم شرعيتها!! ولقد عمل الخليفة جاهدا على تجهيل رعيته بالاسلام الحقيقي، وحرص كل الحرص على أن لا يفهموا من الإسلام الحنيف إلا قشوره، وقدمت وسائل إعلام دولة الخلافة الرجال الذين وقفوا مع النبي وأقاموا الدولة والأمة على أكتافهم بصورة أعداء الله، وقدمت تلك الوسائل أولئك الأشرار الذين حاربوا النبي، وجمعوا عليه الجموع وألبوا العرب عليه بصورة الملائكة الأخيار!!
لقد قلبت دولة الخلافة الدين والتاريخ والجغرافيا رأسا على عقب مع سبق الترصد والإصرار، وجهلت الرعية تجهيلا كاملا، وسخرت كل موارد الدولة وطاقاتها وإعلامها لفرض مفاهيمها المعكوسة عن الإسلام، وجعل تلك المفاهيم مقدسة، ومن المسلمات، التي لا داعي لإعمال العقل فيها!!.
قدر لا مفر منه:
قاد الخلفاء الدين والأمة والدولة إلى نفق مظلم، إذا أخرجت يدك منه لم