الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ٣٧١
وأبو جعفر ليس الرجل الذي ينتظر حتى ينكشف له أمر فيه غرر.
بل هو يبتدر الخطر. قال أبو أيوب الجوزي: بعث إلى أبو جعفر المنصور في جوف الليل فدخلت عليه وهو جالس على الكرسي وبين يديه شمعة. وفي يده كتاب.
فلما سلمت عليه رمى الكتاب إلى، وهو يبكى، وقال: هذا ابن سليمان (والى المدينة) يخبرنا أن جعفر بن محمد قد مات. فإنا لله وإنا إليه راجعون قالها ثلاثا. ثم قال: وأين مثل جعفر؟ ثم قال: اكتب.
فكتبت صدر الكتاب، ثم قال (اكتب إن كان قد أوصى إلى رجل يعينه فقدمه واضرب عنقه).
هكذا يأمر بقتل من يجهله. ويحرمه حق المحاكمة. لمجرد أن من فحوى الوصية لرجل بعينه أنها رسالة للأمة تعلن الإمام الجديد!.
لكن الله كف بطش أبى جعفر. فرجع الجواب إليه أن الإمام أوصى إلى خمسة هم: أبو جعفر المنصور وابن سليمان، وعبد الله وموسى وحميدة. والأخيرون ولدا الإمام وزوجه. فليس هنا وصى بعينه. والأولان أبو جعفر ذاته وواليه. وليس إلى قتل هؤلاء من سبيل!
وما كانت وصية " الصادق " لأبي جعفر وواليه إلا توصية لهما بالأمة. وتذكيرا لهما بأنهما ملاقيا الله مثله. وأبو جعفر أجدر خلق الله بأن يذكره الناس بالموت. وأن يذكروه عند الموت، إن محبين له وإن مبغضين.
ولما قرن الإمام أبا جعفر بابنيه وزوجه، كان يذكره أن يخاف الله فيهم وفي ذوي رحمه.
* * * كان أبو جعفر يسابق الموت إلى من تتم الوصية إليه وحده. ففوتت عليه وصية الإمام بغيا، لم يمنعه من مقارفته تساقط دمعه، أو أن يسترجع الله مرات ثلاثة، كأنه يجعل الدمع مدادا لأمر يهتبل الفرصة لإصداره، ليقطع رأس إمام جديد من أهل البيت يطاف بها في المدائن.
وأنسته شياطين الفزع والطمع، أن يذكر ما علمه الصادق من صلة الرحم. وازداد نسيانا يوم لا أحد ينسى!
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 3
2 الباب الأول ظهور الإسلام 11
3 ظهور الإسلام 13
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 15
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 39
6 ريحانة النبي في كربلاء 51
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 65
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 69
9 أهل البيت 71
10 بين أبناء على و بنى العباس 78
11 الفصل الثاني: الرجلان 95
12 الباب الثالث امام المسلمين 113
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 117
14 أهل المدينة 127
15 زين العابدين 134
16 الباقر 140
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 145
18 مجالس العلم 153
19 التلاميذ الأئمة 158
20 كل العلوم 165
21 مع القرآن 172
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 178
23 المذهب الجعفري 185
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 193
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 197
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 199
27 مصحف فاطمة 200
28 التدوين 200
29 مشيخة العلماء 210
30 التلاميذ من الشيعة 217
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 229
32 السنة 238
33 الإمامة 246
34 أمور خلافية في الفقه 259
35 الباب الخامس المنهج العلمي 275
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 279
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 309
38 في الدولة و قواعدها 312
39 المجتمع الجعفري 325
40 في المجتمع و دعائمه 331
41 الاخوة 334
42 المرأة 338
43 العلم 339
44 الدعاء 341
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 343
46 العمل 347
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 349
48 المال 357
49 العبادة و النفاق المال 358
50 كنز المال 364
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 367
52 عدالة السماء 375