الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ٣٦٥
مجالسهم وأمالي كبرائهم. ينبه الناس من قديم على خطر الفقر واقترانه بالكفر. وتعريضهما العقيدة والوطنية ووحدة الجماعة للدمار. فيقول.
(إذا ذهب الفقر إلى بلد. قال الكفر خذني معك).
ولقد حرم كنز المال بحبسه عن المسلمين في بيوت الأموال، أو حرمانهم منه وتعريضهم للافتقار، فأوجب على الدولة توزيع المال في أصحاب الحق فيه من الرعية. وحرم النعيم على من يعيش بين الجياع.
فإذا كان إخوة المسلم في عيشة راضية فالنعيم يباح.
ولما أرسل إليه عثمان مائتي دينار مع رسول يقول: هذه من مال عثمان. وهو يقول لك إنها من صلب ماله ما خالطها حرام. قال أبو ذر:
هل أعطى أحدا من المسلمين مثلما أعطاني؟ قال كلا. قال: اذهب أنت والدراهم. إنما أنا رجل من المسلمين يسعني ما يسعهم. ولست في حاجة إلى المال. قال رسول: أصلحك الله إني لا أرى في بيتك قليلا ولا كثيرا. فرفع أبو ذر الوسادة وأراه قرصين من خبز الشعير وقال:
بل عندي هذان وإني لغنى بهما وثقتي بالله.
ومر أبو ذر بمعاوية وهو يبني داره الخضراء فصاح به: " من أين لك هذا؟ إن كنت بنيتها من مال المسلمين فهي الخيانة. وإن كنت بنيتها من مالك فهي الإسراف ". فشكاه معاوية إلى عثمان.
وظاهر من هذا النهج، النحو الاقتصادي الذي ينحوه الشيعة من تداول المال، وعدم كنزه عن الأمة ولو كان في يده الدولة، ووجوب تقسيمه في المسلمين أو العمل به لهم. والاستكثار من طرحه في التداول (1)،

(1) روى المسعودي في مروج الذهب حادث أبي ذر وكعب الأخبار في مجلس أمير المؤمنين عثمان بن عفان. قال: إن أبا ذر كان في مجلس الخليفة حين (أتى بتركة عبد الرحمن ابن عوف فنضت البدر حتى حالت بين عثمان والرجل القائم. فقال عثمان إني لأرجو لعبد الرحمن خيرا لأنه كان يتصدق ويقري الضيف وترك ما ترون. وقال كعب الأحبار صدقت يا أمير المؤمنين... فشال أبو ذر العصا وضرب بها رأس كعب. وقال: يا ابن اليهودي تقول لرجل مات وترك هذا المال إن الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة وتقطع على الله عهدا بذلك! وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ما يسرني ان أموت وأدع ما يزن قيراطا)... وقال عثمان لأبي ذر: وار عنى وجهك).
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 369 370 371 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 3
2 الباب الأول ظهور الإسلام 11
3 ظهور الإسلام 13
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 15
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 39
6 ريحانة النبي في كربلاء 51
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 65
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 69
9 أهل البيت 71
10 بين أبناء على و بنى العباس 78
11 الفصل الثاني: الرجلان 95
12 الباب الثالث امام المسلمين 113
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 117
14 أهل المدينة 127
15 زين العابدين 134
16 الباقر 140
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 145
18 مجالس العلم 153
19 التلاميذ الأئمة 158
20 كل العلوم 165
21 مع القرآن 172
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 178
23 المذهب الجعفري 185
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 193
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 197
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 199
27 مصحف فاطمة 200
28 التدوين 200
29 مشيخة العلماء 210
30 التلاميذ من الشيعة 217
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 229
32 السنة 238
33 الإمامة 246
34 أمور خلافية في الفقه 259
35 الباب الخامس المنهج العلمي 275
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 279
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 309
38 في الدولة و قواعدها 312
39 المجتمع الجعفري 325
40 في المجتمع و دعائمه 331
41 الاخوة 334
42 المرأة 338
43 العلم 339
44 الدعاء 341
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 343
46 العمل 347
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 349
48 المال 357
49 العبادة و النفاق المال 358
50 كنز المال 364
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 367
52 عدالة السماء 375