الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ٣٥١
معهم، ذلك الدرس العظيم: أن العمل والحرية صنوان. وأن كلا منهما وسيلة للآخر.
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى خليسة مولاة سلمان الفارسي، وكانت قد اشترته بثلاثمائة درهم من أعراب حملوه إلى يثرب. ومكث معها ستة عشر شهرا حتى قدم النبي يثرب. فسميت المدينة. فأتاه سلمان فأرسل النبي عليا إلى خليسة، بعد إذ أسلمت. لتعتق سلمان. قالت: قل للنبي إن شئت أعتقته، وإن شئت أعتقته، وإن شئت فهو لك. قال صلى الله عليه وسلم: " أعتقيه أنت " فأعتقته.
فغرس لها رسول الله ثلاثمائة فسيلة.
وكان عليه الصلاة والسلام يقول: (سلمان منا أهل البيت) (1) ومع أن الإمام الصادق يرى إنفاق المال في البر تجارة مربحة فيقول

(1) أضافه النبي إلى أهل البيت فصلا من النبي في تنازع المهاجرين والأنصار عليه إذ كان كل من الفريقين يريده واحدا منهم.
وكان سلمان في انتسابه لأهل البيت حيث أراد صاحبه صلى الله عليه وسلم. فهو صاحب الرأي بحفر الخندق في يوم غزوة الخندق (الأحزاب) وعلي هو الذي قتل عمرو بن عبد ود فارس العرب يوم ذاك - فلأهل البيت في هذه المعركة القدح المعلى.
وكان حكيما. إذا خلا به رسول الله لم يبغ أحدا غيره. عينه عمر أميرا على المدائن عاصمة فارس فكان يوزع عطاءه على الناس (خمسة آلاف درهم) ويعمل الخوص بيده ويبيعه بثلاثة دراهم ينفق واحدا ويتصدق بواحد ويشترى خوصا جديدا بواحد. وذات يوم دخلوا عليه دار الإمارة فوجدوه يعجن بيده. قال: بعثنا الخادم في عمل فكرهنا أن نجمع عليه عملين.
رآه رجل قادما من الشام فحسبه من ضخامة جسمه حمالا. فإعطاء حملا وقال اتبعني.
فحمله وتبعه. ورآه الناس فتسارعوا يحملون حمل الأمير قال: لا... فرجاه الرجل، إذ أدرك مقامه، فأبى وقال: لا حتى أبلغ منزلك وثمة وضع الحمل في مكانه وقال (أنى احتسبت بما صنعت خصالا ثلاثة: أنى نفيت عنى الكبر. وأعنت رجلا من المسلمين على حاجته. وإن لم تسخرني سخرت من هو أضعف منى فوقيته بنفسي).
فهو يحمل الحمل عن رجل ضعيف. ولا يخزى صاحب الحمل بتعريف نفسه. وينفى عنها الكبر وهو أمير فارس! لكنه يحفظ وصية صاحبه صلى الله عليه وسلم فيقول (أوصاني خليلي ألا يكون متاعي من الدنيا إلا كزاد الركب).
وحسبه قول أمير المؤمنين على عنه (من لكم بمثل لقمان الحكيم).
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 3
2 الباب الأول ظهور الإسلام 11
3 ظهور الإسلام 13
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 15
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 39
6 ريحانة النبي في كربلاء 51
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 65
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 69
9 أهل البيت 71
10 بين أبناء على و بنى العباس 78
11 الفصل الثاني: الرجلان 95
12 الباب الثالث امام المسلمين 113
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 117
14 أهل المدينة 127
15 زين العابدين 134
16 الباقر 140
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 145
18 مجالس العلم 153
19 التلاميذ الأئمة 158
20 كل العلوم 165
21 مع القرآن 172
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 178
23 المذهب الجعفري 185
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 193
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 197
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 199
27 مصحف فاطمة 200
28 التدوين 200
29 مشيخة العلماء 210
30 التلاميذ من الشيعة 217
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 229
32 السنة 238
33 الإمامة 246
34 أمور خلافية في الفقه 259
35 الباب الخامس المنهج العلمي 275
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 279
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 309
38 في الدولة و قواعدها 312
39 المجتمع الجعفري 325
40 في المجتمع و دعائمه 331
41 الاخوة 334
42 المرأة 338
43 العلم 339
44 الدعاء 341
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 343
46 العمل 347
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 349
48 المال 357
49 العبادة و النفاق المال 358
50 كنز المال 364
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 367
52 عدالة السماء 375