الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ١٦٤
يراه الرائي فيحسبه أقبل من دفن والديه. فإذا انتهى الكلام قال عمرو للإمام (هلك من سلبكم تراثكم ونازعكم في الفضل والعلم).
ويجئ إمام خراسان عبد الله بن المبارك، وهو إمام فقه، وبطل معارك.
تلمذ للإمام زمانا، ولأبي حنيفة، فتعلم ما جعله يخفى بطولاته في الفتوح " لأن من صنعها لأجله - سبحانه - مطلع عليها ". (1) وفي الإمام جعفر شعره الذي ورد فيه:
أنت يا جعفر فوق * المدح والمدح عناء إنما الأشراف أرض * ولهم أنت سماء جاز حد المدح من * قد ولدته الأنبياء فإذا كان الصادق في مواجهة مع المنصور، حيث القواد والعلماء يجلسون على مبعدة منه، فإن مجلس الإمام عن يمينه.. حتى ولو دعاه يخوفه. فلقد طالما انتهت اللقاءات بالموعظة يلقيها الإمام من حديث رسول الله، ولحديث رسول الله شرف المجلس، ولابن رسول الله شرف من رسول الله.
ولو جلس الصادق على مبعدة أو مقربة من الخليفة، لكان الشرف، حيث يجلس. ربما قربه الخليفة ليلتمس لنفسه القربى إلى الناس في الدنيا، ويوم لا تملك نفس لنفس شيئا، وعندما تلتمس الشفاعة.
وأبو جعفر المنصور يقر بمكانه من العلم والتقوى مع ضيق صدره بمكانته في الأمة. يقول (هذا الشجى المعترض في حلقي أعلم أهل زمانه. وإنه ممن يريد الآخرة لا الدنيا).

(1) استعصى على المسلمين حصن من حصون الروم. فتصدى له فارس ملثم فاقتحمه وتتابع وراءه المسلمون واختفى الفارس في الجند. ولما سئل ابن المبارك فيما بعد، عن إخفاء نفسه، قال (لأن من صنعت ذلك لأجله - سبحانه - مطلع عليه).
وخرج إلى الحج فمر بامرأة رآها تخرج غرابا ميتا من حيث ألقى به. فسألها فقالت إنها وزوجها لا يجدان ما يطعمانه. فقال لوكيله: كم معك من نفقة الحج؟ قال: ألف دينار. قال:
(عد منها عشرين تكفى للعودة إلى مرو (عاصمة خراسان) وأعطها الباقي. فهذا أفضل من حجنا هذا العام). ورجع ولم يحج.
وكان الرشيد بالرقة يوما وأقبل عليها ابن المبارك. فانجفل الناس خلفه ورأته أم ولد الرشيد فقالت: هذا والله الملك. لا ملك هارون الذي يجمع الناس بشرطة وأعوان.
ولما مات ابن المبارك جلس الرشيد فتقبل العزاء فيه.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 3
2 الباب الأول ظهور الإسلام 11
3 ظهور الإسلام 13
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 15
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 39
6 ريحانة النبي في كربلاء 51
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 65
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 69
9 أهل البيت 71
10 بين أبناء على و بنى العباس 78
11 الفصل الثاني: الرجلان 95
12 الباب الثالث امام المسلمين 113
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 117
14 أهل المدينة 127
15 زين العابدين 134
16 الباقر 140
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 145
18 مجالس العلم 153
19 التلاميذ الأئمة 158
20 كل العلوم 165
21 مع القرآن 172
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 178
23 المذهب الجعفري 185
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 193
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 197
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 199
27 مصحف فاطمة 200
28 التدوين 200
29 مشيخة العلماء 210
30 التلاميذ من الشيعة 217
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 229
32 السنة 238
33 الإمامة 246
34 أمور خلافية في الفقه 259
35 الباب الخامس المنهج العلمي 275
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 279
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 309
38 في الدولة و قواعدها 312
39 المجتمع الجعفري 325
40 في المجتمع و دعائمه 331
41 الاخوة 334
42 المرأة 338
43 العلم 339
44 الدعاء 341
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 343
46 العمل 347
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 349
48 المال 357
49 العبادة و النفاق المال 358
50 كنز المال 364
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 367
52 عدالة السماء 375