مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ٢١٢
وسأل عمي: فما في نفسك منه؟
ورد أبي: عداوته ما بقيت) (1).
وكأنما كانت كلمته، أول يوم للهجرة، إيذانا بفتح جبهة جديدة، أخطر وأضرى من الجبهة المكشوفة مع المشركين من قريش.
كان هم يهود، أن يوادعهم الاسلام ريثما يفيقون من صدمة الهجرة، ويتدبرون وسيلة الخلاص من هذا الدين الذي لا يمكن أن يسالموه.
وتعلق أملهم في الموادعة، بأنهم في ظاهر أمرهم أهل كتاب وأتباع نبي مرسل. والقرآن فيما سمعوا من آياته، يقرر أنه مصدق لما بين يديه من التوراة والإنجيل، مقر بنبوة عيسى وموسى ويعقوب وإسحاق وإبراهيم وسائر الأنبياء لا يفرق بين أحد منهم.
وفي خبث ومسكنة، تقدموا يرحبون بالنبي المهاجر ويسألونه الموادعة والأمان، وله عليهم أن يكونوا مع أهل المدينة ضد أي عدوان عليها من وثنيي مكة.
وكان الضمان، ما ليهود في المنطقة من مستعمرات غنية وتجارة رابحة وحصون مكدسة بالأموال، فهم أحرص الناس على سلام المدينة وأمن المنطقة.

(1) السمهودي: وفاء الوفا: 1 / 270. والسيرة لابن هشام: 2 / 165.
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست