البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٩٧
لماذا لم يظهر القائد إذن طيلة هذه المدة؟ وإذا كان قد أعد نفسه للعمل الاجتماعي، فما الذي منعه عن الظهور على المسرح في فترة الغيبة الصغرى أو في أعقابها بدلا عن تحويلها إلى غيبة كبرى، حيث كانت ظروف العمل الاجتماعي والتغييري وقتئذ أبسط وأيسر، وكانت صلته الفعلية بالناس من خلال تنظيمات الغيبة الصغرى تتيح له أن يجمع صفوفه ويبدأ عمله بداية قوية، ولم تكن القوى الحاكمة من حوله قد بلغت الدرجة الهائلة من القدرة والقوة التي بلغتها الإنسانية بعد ذلك من خلال التطور العلمي والصناعي؟
والجواب: أن كل عملية تغيير اجتماعي يرتبط نجاحها بشروط وظروف موضوعية لا يتأتى لها أن تحقق هدفها إلا عندما تتوفر تلك الشروط والظروف.
وتتميز عمليات التغيير الاجتماعي التي تفجرها السماء على الأرض بأنها لا ترتبط في جانبها الرسالي بالظروف الموضوعية (1)، لأن الرسالة التي تعتمدها

(1) على الرغم من الأهمية التي يعطيها الشهيد الصدر (رضي الله عنه) هنا للظروف الموضوعية، ودور نضوجها أو إنضاجها في نجاح الثورات - وهذا فهم عميق لأثر العامل الاجتماعي والنفسي - إلا أن الشهيد الصدر (رضي الله عنه) يعرض نظرية جديدة في فهم عملية التغيير الاجتماعي الذي تحدثه السماء من خلال الرسالات السماوية، فهي في جانبها الرسالي ترتبط بقانونها الخاص، ولكن في جانبها التنفيذي تعتمد الظروف الموضوعية وترتبط بها توقيتا ونجاحا، وأعني بالظروف الموضوعية: الحالة السياسية والحالة الاجتماعية للأمة والواقع الدولي المعاصر، ومدى قدرة الأمة في إمكاناتها الذاتية واستعدادها النفسي.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»