البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ١٤
ومن هنا حاول المنكرون لعقيدة المهدي (عليه السلام) أن يهربوا، وينأوا بأنفسهم عن طائلة ذلك الاعتقاد، فلجأوا إلى التشكيك بالأخبار الواردة بشأنه أو تضعيف أسانيدها كما فعل ابن خلدون في تاريخه في الفصل الثاني والخمسين الذي عقده في أمر الفاطمي، حيث ضعف الأحاديث المروية في المهدي مع اعترافه بظهور المهدي آخر الزمان، وبصحة بعض الأحاديث المروية بشأنه. وتبعه عدد من المقلدين أمثال علي حسين السائح أستاذ كلية الدعوة الإسلامية في ليبيا في بحثه (تراثنا وموازين النقد) (1) إذ تعرض فيه لموضوع المهدي المنتظر، وتعلق بالخيوط العنكبوتية التي نسجها ابن خلدون حول عقيدة المهدي، وحسب أنه لجأ إلى ركن شديد، وأنه سيرقى عليها إلى السماء، غافلا عن أنه تشبث بأوهن البيوت.
وعندما اصطدم هؤلاء بعدم إمكانية رد تلك الروايات أو تضعيفها لكثرتها، وتعدد طرقها، وصحة أسانيد عدد كبير منها كما أثبتها أئمة الحديث (2)، لجأوا مرة أخرى إلى إحاطة أمر المهدي بالأساطير التي اخترعوها، كاختراعهم أكذوبة السرداب التي لا أصل لها عند المعتقدين به، وقد ناقشها الشيخ العلامة الأميني مناقشة وافية أبان فيها تخبط الخصوم في الأساطير التي نسجوها تارة في موقع السرداب - إذ اختلفوا فيه اختلافا مضحكا - وتارة أخرى في مواقف الشيعة وطقوسهم المزعومة حول السرداب (3).

(١) البحث نشر في مجلة كلية الدعوة الإسلامية الصادرة في ليبيا، وراجع مناقشته في بحث السيد الجلالي المنشور في مجلة تراثنا المذكور سابقا.
(٢) راجع: دفاع عن الكافي / ثامر هاشم العميدي ١: ٢٠٣ وما بعدها، فقد أورد مناقشة العلماء وأئمة الحديث لتضعيفات ابن خلدون والمقلدين لرأي ابن خلدون، كما ناقش هو تلك التضعيفات مناقشة علمية متينة أبان فيها تهافتهم وعدم تبصرهم ومعرفتهم بفن الرواية وأصول الدراية.
(٣) راجع: الغدير ٣: ٣٠٨ - ٣٠٩، وراجع ما أورده العميدي من مناقشات متينة لهذه الفرية في دفاع عن الكافي ١: ٥٩٣، وراجع: سيرة الأئمة الاثني عشر / هاشم معروف الحسني 2: 559.
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»