منازل الآخرة والمطالب الفاخرة - الشيخ عباس القمي - الصفحة ٤٨
وكان هذا الموضع ملجأ للشيعة منذ أنشأت فيه العمارة الأولى على مرقد الامام أمير المؤمنين (عليه السلام)، لكن حيث لم تأمن الشيعة على نفوسها من تحكمات الأمويين والعباسيين، ولم يستطيعوا بث علومهم ورواياتهم كان الفقهاء والمحدثون لا يتجاهرون بشئ مما عندهم، وكانوا متبددين حتى عصر الشيخ الطوسي والى أيامه. وبعد هجرته انتظم الوضع الدراسي، وتشكلت الحلقات...) (1).
(وقد تخرج منها خلال هذه القرون المتطاولة آلاف مؤلفة من أساطين العلم، وأعاظم الفقهاء، وكبار الفلاسفة، ونوابغ المتكلمين، وأفاضل المفسرين، وأجلاء اللغويين، وغيرهم ممن خبروا العلوم الاسلامية بأنواعها، وبرعوا فيها أيما براعة، وليس أدل على ذلك من آثارهم المهمة التي هي في طليعة التراث الاسلامي، ولم تزل زاهية حتى هذا اليوم، يرتحل إليها رواد العلوم والمعارف من سائر الأقطار والقارات فيرتوون من مناهلها العذبة وعيونها الصافية...) (2).
وكان المنهاج الدراسي العلمي عند الإمامية إلى قبل الهجمة الاستعمارية الكافرة على النجف الأشرف التي شهدت غاية عنفها من سنة 1969 م وما زالت المعركة حامية الوطيس - ان يبدأ الدارس للعلوم الاسلامية دراساته في إحدى الحوزات العلمية المبثوثة في كثير من بلدان الشيعة حتى إذا انتهى من مراحله الأولى والمتوسطة فإنه يلزمه الهجرة إلى النجف الأشرف ليكمل دراسته وتربيته العلمية، لما جمعت من فحول علمائها وكبار مجتهدي الامامية، والمدارس ودور السكن للطلاب والعلماء وغير ذلك من الوسائل اللازمة لعيش العلماء والطلاب (3).

(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق: ص (و) - (ز).
(3) لقد كانت النجف مهبط الشيعة وعاصمة العلم، ومقر كبار العلماء، كما كانت النجف تضم أكبر حوزة علمية اسلامية في العالم الاسلامي، ولكن الكفار سعوا إلى تفتيت تلك العاصمة الطاهرة، فضربوها بشتى الوسائل، وكادوا ينجحوا أخيرا ويصلوا إلى أمنيتهم الشيطانية على يد المجرم صدام التكريتي عندما ضرب هذه العاصمة المقدسة بأقوى ضربات الكفار بما عمله من المصائب التي تقطع الأحشاء والقلوب مع آية الله العظمى المرحوم الامام السيد محسن الحكيم إلى أن ذهب إلى ربه شاكيا ما لاقاه من محن وخطوب. وباخراج المرجع الديني الأعلى للشيعة في العالم آية الله العظمى، ومجدد المذهب الامام الخميني (رحمه الله)، وتضييق الخناق عليه، وشد الحصار على داره. وقتل المرجع الديني آية الله العظمى الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر. وتهجير الآلاف من المجتهدين، وكبار العلماء. والفضلاء والمؤلفين، والمحققين، والمحصلين، والأساتذة، والطلاب، وقتل المئات منهم، وحبس وتشريد مئات آخرين. نسأل الله تعالى بحق محمد وآل محمد أن يرد كيده إلى نحره، ويعجل هلاكه، ويعجل النصر للاسلام والمسلمين، وأن يعيد عز وجل إلى النجف الأشرف حياتها ونضارتها، فترجع كما كانت دائما حية معطاءة.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الإهداء 5
2 مقدمة التحقيق والتعريب 7
3 حول موضوع الكتاب 11
4 حياة المؤلف (قدس سره) 43
5 مقدمة المؤلف (قدس سره) 101
6 أول المنازل: الموت وفيه عقبتان: العقبة الأولى: سكرات الموت وشدة نزع الروح 107
7 الأشياء التي تهون سكرات الموت 109
8 العقبة الثانية: العديلة عند الموت 115
9 الأمور النافعة لهذه العقبة 116
10 ذكر حكايتين مناسبتين 121
11 لطيفة 124
12 من منازل الآخرة المهولة: القبر وفيه عقبات: العقبة الأولى: وحشة القبر 128
13 العقبة الثانية: ضغطة القبر 137
14 المنجيات من ضغطة القبر 141
15 العقبة الثالثة: مسألة منكر ونكير 150
16 ذكر حكايات 155
17 من المنازل المهولة: البرزخ الآية، وبعض الروايات الواردة فيه 161
18 كلام من العلامة المجلسي (قدس سره) 163
19 ذكر عدة حكايات نافعة من المنامات الصادقة 165
20 من منازل الآخرة المهولة: القيامة وصف القيامة 179
21 بعض الأمور التي تنجي من شدائد القيامة 184
22 ساعة خروج الإنسان من قبره الآيات والروايات 194
23 ذكر بعض الأخبار في أحوال بعض الأشخاص عند خروجهم من قبورهم 195
24 بعض الأمور النافعة لهذه الساعة 197
25 ختم ذكره حتم 199
26 موقف الميزان الآيات 201
27 الأخبار في فضل الصلوات 202
28 روايات في حسن الخلق 206
29 حكايات في حسن الخلق 210
30 موقف الحساب الآيات والأخبار 219
31 حكايتان مناسبتان 221
32 موقف نشر الصحف الآيات والروايات 225
33 التبرك بذكر رواية نقلها السيد ابن طاووس 228
34 من موارد الآخرة المهولة: الصراط وصف الصراط 233
35 أسماء عقبات الصراط 236
36 حكاية 238
37 ذكر عدة أعمال لتسهيل المرور على الصراط 239
38 خاتمة ذكر عدة أخبار في شدة عذاب جهنم 243
39 جملة من قصص الخائفين 249
40 ذكر بعض الأمثال لتنبه المؤمنين 265
41 ختم الرسالة بدعائين شريفين 286
42 من تكاليف العباد في زمن الغيبة: الدعاء لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف 287
43 ملحق للمترجم ذكر عدة أخبار في وصف الجنة ونعيمها 291