سبل الهدى والرشاد - الصالحي الشامي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٨
عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد ".
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن أعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصاب الأعرابي وعك فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أقلني بيعتي. فأبى. ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي. فأبى.
فخرج الأعرابي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها " (1) رواه الشيخان. وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنه طيبة - يعني المدينة - وإنها تنفي الخبث كما ينفي الكبر خبث الفضة " (2)، رواه مسلم. والمراد هنا الإقالة من الإسلام وقيل من الهجرة (كأنه كان قد بايع على هجرته الإقامة). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن آطام المدينة أن تهدم. وروى البزار بسند حسن عن عمر رضي الله عنه قال: غلا السعر بالمدينة فاشتد الجهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اصبروا وأبشروا فإني قد باركت على صاعكم ومدكم، وكلوا ولا تتفرقوا فإن طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الخمسة والستة، وإن البركة في الجماعة، فمن صبر على لأوائها وشدتها كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة، ومن خرج رغبة عنها أبدل الله به من هو خير منه فيها، ومن أرادها بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء " (3). وروى البخاري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إنها أي المدينة طيبة تنفي الذنوب كما ينفي الكير خبث الفضة " (4).
تنبيهات الأول: قال القاضي رحمه الله ". " سئلت قديما عن معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " كنت شهيدا أو شفيعا " ولم خص ساكن المدينة بالشفاعة هنا مع عموم شفاعته وادخاره إياها لأمته؟ وأجيب بأن " أو " ليست هنا للشك، خلافا لمن ذهب إليه، إذ قد رواه جابر، وأبو هريرة، وأبو سعيد، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وصفية بنت أبي عبيد، وأسماء بنت عميس رضي الله عنهم بهذا اللفظ، ويبعد اتفاق الكل واتفاق رواياتهم على الشك، ووقوعه بصيغة واحدة، بل الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم قال كذلك هكذا، فكما أن يكون هو أعلم بهذه الجملة هكذا، وإما أن تكون " أو " للتقسيم، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم شفيعا لبعض أهل المدينة وشهيدا لبعضهم الآخر، إما شهيدا

(1) أخرجه البخاري 9 / 98 ومسلم في كتاب الحج (489) والترمذي (3920) والنسائي 7 / 151.
(2) أخرجه مسلم في كتاب الحج (490).
(3) ذكره الهيثمي في المجمع 3 / 308 وعزاه للبزار، وقال: ورجاله رجال الصحيح وذكره المتقي الهندي في الكنز (38123).
(4) أخرجه البخاري 6 / 93 (4589).
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 جماع أبواب معراجه صلى الله عليه وسلم الباب الأول: في بعض فوائد قوله تعالى (سبحان الذي أسرى...) 4
2 الباب الثاني: في تفسير أول سورة النجم 22
3 الباب الثالث: في اختلاف العلماء في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه تبارك وتعالى ليلة المعراج 55
4 الباب الرابع: في أي زمان ومكان وقع الإسراء 64
5 الباب الخامس: في كيفية الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم وهل تكرر أم لا 67
6 الباب السادس: في دفع شبهة أهل الزيغ في استحالة المعراج 74
7 الباب الثامن: في سياق القصة 79
8 الباب التاسع: في تنبيهات على بعض فوائد تتعلق بقصة المعراج 96
9 الباب العاشر: في صلاة جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وكيف فرضت الصلاة 177
10 جماع أبواب بدء إسلام الأنصار الباب الأول: في نسبهم 181
11 الباب الثاني: في فضلهم وحبهم والوصية بهم والتجاوز بهم والتجاوز عن مسيئهم والنهي عن بغضهم 183
12 الباب الثالث: في بدء إسلامهم رضي الله عنهم 189
13 الباب الرابع: في ذكر يوم بعاث 192
14 الباب الخامس: في بيعة العقبة الأولى 194
15 الباب السادس: في بيعة العقبة الثانية 197
16 الباب السابع: في إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير 198
17 الباب الثامن: في بيعة العقبة الثالثة 201
18 الباب التاسع: في إسلام عمر بن الجموع 222
19 جماع أبواب الهجرة إلى المدينة الشريفة الباب الأول: في إذن النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى المدينة 224
20 الباب الثاني: في سبب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريم وكفاية الله تعالى رسوله مكر المشركين حين أرادوا ما أرادوا 231
21 الباب الثالث: في قدر إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد البعثة ورؤياه الأرض التي يهاجر إليها 236
22 الباب الرابع: في هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة وما وقع في ذلك من الآيات 238
23 الباب الخامس: في تلقي أهل المدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزوله بقباء وتأسيس مسجد قباء 266
24 الباب السادس: في قدومه صلى الله عليه وسلم باطن المدينة وما آلت إليه 271
25 جماع أبواب بعض فضائل المدينة الشريفة الباب الأول: في بدء شأنها 281
26 الباب الثاني: في أسماء المدينة مرتبة على حروف المعجم 286
27 الباب الثالث: في النهي عن تسميتها يثرب 296
28 الباب الرابع: في محبته صلى الله عليه وسلم لها ودعائه لها ولأهلها 297
29 الباب الخامس: في عصمتها من الدجال والطاعون ببركته 303
30 الباب السادس: في الحث على الإقامة والموت بها والصبر علي لأوائها ونفيها الخبث والذنوب واتخاذ الأصول بها والنهي عن هدم بنيانها 306
31 الباب السابع: في وعيد من أحدث بها حدثا أو آوى محدثا 312
32 الباب الثامن: في تفضيلها على البلاد لحلوله صلى الله عليه وسلم فيها 315
33 الباب التاسع: في تحريمها 318
34 الباب العاشر: في ذكر بعض خصائصها 320
35 جماع أبواب بعض حوادث من السنة الأولى والثانية من الهجرة الباب الأول: في صلاته صلى الله عليه وسلم الجمعة ببني سالم بن عوف 331
36 الباب الثاني: في بناء مسجده الأعظم وبعض ما وقع في ذلك من الآيات 335
37 الباب الثالث: في بنائه صلى الله عليه وسلم حجر نسائه رضي الله عنهن 348
38 الباب الرابع: في بدء الأذان وبعض ما وقع في ذلك من الآيات 351
39 الباب الخامس: في مؤاخاته صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رضي الله عنهم 363
40 الباب السادس: في قصة تحويل القبلة 370
41 جماع أبواب بعض أمور دارت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين اليهود والمنافقين الباب الأول: في أخذ سبحانه وتعالى العهد عليهم في كتبهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم إذا جاءهم واعتراف جماعة منهم بنبوته ثم كفر كثير منهم بغيا وعنادا 376
42 الباب الثاني: في إسلام عبد الله بن سلام بن الحارث بن أبي يوسف 379
43 الباب الثالث: في موادعته صلى الله عليه وسلم اليهود وكتبه بينه وبينهم كتابا بذلك 382
44 الباب الرافع: في سؤال اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح 385
45 الباب الخامس: في تحيرهم في مدة مكث هذه الأمة لما سمعوا الحروف المقطعة في أوائل السور 391
46 الباب السادس: في سبب نزول سورة الإخلاص 396
47 الباب السابع: في إرادة شأس بن قيس إيقاع الفتنة بين الأوس والخزرج 398
48 الباب الثامن: في سبب نزول قوله تعالى (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) 400
49 الباب التاسع: في سؤالهم عن أشياء لا يعرفها إلا نبي وجوابه لهم 402
50 الباب العاشر: في رجوعهم إليه صلى الله عليه وسلم في عقوبة الزاني 406
51 الباب الحادي عشر: في سؤاله لهم أن يتمنوا الموت إن كانوا صادقين 409
52 الباب الثاني عشر: في سحرهم إياه صلى الله عليه وسلم 410
53 الباب الثالث عشر: في معرفة بعض طغاة المنافقين 416