قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية: معناها ليس له نظير.
وقال أهل التحقيق: ذكر العرش إظهارا لقدرته، لا مكانا لذاته، إذ الذات ممتنعة عن الإحاطة بها والوقوف عليها، كما أشار إلى ذلك في قوله تعالى: {الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم}.
فسبحانه هو المنزه عن الشبيه، القدوس المبرأ عن الآفات، والمسبح بجميع اللغات، السلام السالم من نقائص المخلوقات، الصمد السيد الذي لا يشبهه شئ من المصنوعات والمخلوقات، الغني عن الأغيار، تبارك وتعالى عن أن تحويه الجهات، الفرد الذي لا نظير له، المنفرد بصفات الكمال والقدرة، ومن بعض مقدوراته الكرسي والعرش والأرضون والسماوات، شهد لنفسه بالوحدانية، ونزهها بالآيات البينات، فصفاته لا يوصف بها غيره.
ومن تعرض لذلك فقد طعن في كلامه، وضاهى أهل العناد، فاستوجب اللعن وأشد العقوبات.
(قول البغداديين في التأويل) قال البغداديون في قوله تعالى: {بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون} (1): كل صنع صنعه ولا علة لصنعته، ليس لذاته مكان، لأنه قبل الكون والمكان، وأوجد الأكوان بقوله: {كن} أزال العلل عن ذاته بالدرك (2) وبالعبارة عنه وبالإشارة، فلا يبلغ أحد شيئا من كنه معرفته، لأنه لا يعلم أحد ما هو إلا هو، حي قيوم لا أول لحياته، ولا أمد لبقائه، احتجب عن