رأس الحسين (ع) - ابن تيمية - الصفحة ١٩٢
وبينت من شركهم ما عليه من العكوف على التماثيل والقبور وعبادتها، والاستغاثة بها.
فقال لي: نحن ما نشرك بهم ونعبدهم: وإنما نتوسل بهم، كما يفعل المسلمون إذا جاءوا إلى قبر الرجل الصالح، فيتعلقون بالشباك الذي عليه ونحو ذلك.
* فقلت له: وهذا أيضا من الشرك، وليس هذا من المسلمين، وإن فعله الجهال؟ فأقر أنه شرك، حتى إن قسيسا كان حاضرا في هذا المسألة، فلما قرأها قال: نعم، على هذا التقدير: نحن مشركون.
* وكان بعض النصارى يقول لبعض المسلمين: لنا سيد وسيدة، ولكن سيد وسيدة، لنا السيد المسيح والسيدة مريم، ولكم السيد حسين والسيدة نفيسة.
* فالنصارى يفرحون بما يفعله أهل البدع والجهل من المسلمين مما يوافق دينهم ويشابهونهم فيه، ويحبون أن يقوى ذلك ويكثر، ويحبون أن يجعلوا رهبانهم مثل عباد المسلمين وقسيسيهم مثل قضاة المسلمين، ويضاهؤون المسلمين، فإن عقلاءهم لا ينكرون صحة دين الإسلام، بل يقولون: هذا طريق إلى الله، وهذا طريق إلى الله.
* ولهذا يسهل إظهار الإسلام على كثير من المنافقين الذين أسلموا منهم، فإن عنده: أن المسلمين والنصارى كأهل المذاهب من المسلمين، بل يسمون الملل مذاهب، ومعلوم أن أهل المذاهب - كالحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية - دينهم واحد. وكل من عطاء الله ورسوله منهم بحسب وسعه كان مؤمنا سعيدا باتفاق المسلمين.
* فإذا اعتقد النصارى مثل هذا من الملل يبقي انتقال أحدهم عن ملته كانتقال الإنسان من مذهب إلى مذهب. وهذا كثيرا ما يفعله الناس لرغبة أو
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست