المصابيح في إثبات الإمامة - حميد الدين الكرماني - الصفحة ٨٧
البرهان الخامس: لما قال الله تعالى: * (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) * (1) وكان قول النبي (ص) بهذه الآية قائما مقام قول الله تعالى، وقال النبي (ص): (علي مني كهارون من موسى إلا أنه نبي بعدي)، وكان لهارون من موسى عليه السلام معان تجمعهما، منها كونه من أبيه وأمه، ومنها شركته معه في النبوة، ومنها خلافته عنه في قومه عند غيبته، ولم يكن لعلي (ع. م) من هذه المعاني لا كونه من أم محمد ولا من أبيه، ولا شركته معه في النبوة، كان قول محمد (علي مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)، نسب قوله علي مني كهارون من موسى إليها غير الخلافة.
ولما كان من المعاني وجب بطلان ما بطل منه من المعاني في علي (ع. م) كقوله: علي مني في الخلافة كهارون من موسى، إذ لم يبق من المعاني التي توجب إلا الخلافة، وكان قول النبي (ص) إنه لا نبي من بعده عقب قوله علي مني كهارون من موسى، كان من ذلك العلم بأن نفي النبوة بعده هو الدلالة على الوقت الذي فيه تكون خلافته التي أوجبها له، بقوله علي مني كهارون من موسى، إذ لم يكن وقت خلافة علي عليه السلام بعده لما عقب (2) قوله:
علي مني كهارون من موسى بنفي النبوة بعده، فقال: إلا أنه لا نبي بعدي. ولترك القول على جملته حتى كان محمولا على أن خلافته عنه كان في حياته كما كانت خلافة هارون من موسى في حياته، فلما عقب قوله بقوله بعدي في نفي النبوة كان قوله ذلك نصا منه

(1) سورة 59 آية 7.
(2) سقطت في (ع).
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 93 94 ... » »»
الفهرست