كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٥
الأمير! لا تعجل فإني لك على ما تحب وأنا صائر إليك إن شاء الله! قال: فأبى الوليد بن عتبة ذلك وجعل يرسل إليه رسولا بعد رسول حتى أكثر عليه من الرسل.
قال: وجعل أصحاب الوليد بن عتبة ينادون عبد الله بن الزبير ويقولون: يا بن الكاهلية! والله لتأتين الأمير ولتبايعنه أو لنقتلنك (1). قال: فأقبل جعفر بن الزبير حتى دخل على الوليد بن عتبة فسلم وقال: أصلح الله الأمير كف عن عبد الله فإنك قد دعوته وأنا صائر به إليك غدا إن شاء الله (2) ولا تلج به ومر أصحابك أن ينصرفوا عنه فإنك لن ترى منه إلا ما تحب. فأقبل الوليد على جعفر بن الزبير، فقال الوليد لجعفر: إن مثلي ومثل أخيك كما قال الله تعالى: * (إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) * (3). فأمسك الوليد عن عبد الله بن الزبير يومه ذلك، وأرسل إلى الرسل فأمرهم بالانصراف عنه (4).
فلما كان في نصف الليل وهدأت العيون خرج عبد الله بن الزبير ومعه إخوته بأجمعهم، فقال عبد الله لإخوته: خذوا عليهم غير المحجة فإني أيضا آخذ عليها مخافة أن يلحقنا الطلب. قال: فتفرق عنه إخوته ومضى عبد الله ومعه أخوه جعفر، ليس معهما ثالث، فأخذ على مجهول الطريق إلى مكة (5). وأصبح الوليد ففقد أولاد الزبير وعلم أن عبد الله قد هرب إلى مكة، فغضب لذلك وضاق به ذرعا، فقال له مروان: إن الأمير أبقاه الله إذا استشار أمراء المعرفة والنصيحة وأشاروا عليه فلم يقبل فيكون قد أخطأ وضيع الحزم، والآن فأنا أعلم أنه ما أخطأ طريق مكة فسرح في طلبه الرجال من قبل أن يمعن في المسير قال: فدعا الوليد برجل يقال له حبيب بن كزبر (6) فوجه به في ثلاثين (7) راكبا من موالي بني أمية في طلب عبد الله بن الزبير (8).
ثم أرسل إلى كل من كان من شيعة عبد الله بن الزبير فأخذه وحبسه وفيمن

(١) في الطبري: أو ليقتلنك.
(٢) في الطبري: كف عن عبد الله فإنك قد أفزعته وذعرته بكثرة رسلك وهو آتيك غدا إن شاء الله.
(٣) سورة هود الآية ٨١.
(٤) ورد في الإمامة والسياسة ١ / ٢٢٦ أن الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير كانا سوية ودخلا معا إلى الوليد وخرجا معا على أن يأتيانه الصبح عندما يدعو الوليد الناس للبيعة.
(٥) في الطبري: فأخذ طريق الفرع... وتجنب الطريق الأعظم مخافة الطلب وتوجه نحو مكة.
(٦) في الأخبار الطوال: حبيب بن كدين.
(٧) كذا بالأصل والأخبار الطوال، وفي الطبري 5 / 341: ثمانين.
(8) زيد في الطبري: فطلبوه فلم يقدروا عليه.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169