كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٤١
بالجلوس. فقال: ما حاجتكم؟ فقالوا: يا أبا القاسم! إنا قد عزمنا على قتال هذا اللعين يزيد بن معاوية، وهذا عبد الله بن الزبير قد بايعناه ونريد منك أن تكون يدك مع أيدينا، فقال محمد بن علي: إذا لا نفعل، قالوا: ولم ذلك؟ قال: لأني قد بايعته وأخذت جائزته ولم أخلعه فأقاتله، فقالوا: ولم بايعته وأنت أنت؟ قال: خوفا منه على نفسي وولدي، وإبقاء على من بقي من أهل بيتي، لأني رأيت أخي الحسين رضي الله عنه قتل فلم آمن يزيد على نفسي، وقد رأيت أخي الحسن بايع معاوية من قبل وأخذ جائزته، والحسن كان أفضل مني، فإن بايعت يزيد كان لي أسوة بأخي، فقالوا: إن أخاك الحسن رأى رأيا، فقال: وأنا رأيت ذلك الرأي الذي رآه أخي، فقالوا: يا هذا إن يزيد رجل يشرب الخمر ويلعب بالكلاب والقرود وقد فسق وكفر (1)، قال: فقال لهم محمد بن علي: إني قد كنت عنده بالشام مقيما إلى وقت الانصراف عنه فلم أطلع منه على كفر ولا فجور، وأكثر ما ينتهي إلي من خبره أنه كان يشرب الخمر وقد نهيته عن ذلك وقضيت ما علي ولم يؤاخذني ربي بذنبه، فقالوا له (2): يا هذا! إنه ليأتي من المنكر والفواحش أشياء ولكنه ما يطلعك على ذلك، فقال لهم محمد بن علي رضي الله عنه: فلقد اطلعتم على ذلك منه (3) فو الله لئن كان أطلعكم على ما ذكرتم فأنتم شركاؤه في فعله إذا رأيتم شيئا من المنكر فلم تغيروه، وإن كان لم يطلعكم على شيء من ذلك فقد شهدتم (4) بغير الحق، فاتقوا الله يا هؤلاء في أنفسكم وكفوا عما عزمتم عليه، فإني خائف عليكم أن تسفكوا دمكم في غير حق. قال: فأطرق القوم ساعة (5) ثم قالوا: يا أبا القاسم! لعلك إنما تكره البيعة لابن الزبير لأنك ترى أنك أحق بالبيعة منه، إن كنت إنما تكره ذلك لهذا الشأن فأخرج بنا حتى نبايعك! قال محمد بن علي: لا أستحل القتال تابعا ولا متبوعا.
فقالوا: يا محمد! أنت قاتلت مع أبيك يوم الجمل ويوم سفين ويوم النهروان!
قال: فتبسم محمد بن علي ثم قال: ويحكم! وأين تجدون مثل أبي في دهركم

(١) في البداية والنهاية ٨ / ٢٥٥ إن يزيد يشرب الخمر ويترك الصلاة ويتعدى حكم الكتاب.
(٢) في البداية والنهاية: قالوا: إن ذلك كان منه تصنعا لك. فقال: والذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إلي الخشوع.
(٣) في البداية والنهاية: أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟
(٤) في البداية والنهاية: شهدتم بما لم تعلموا.
(٥) زيد في البداية والنهاية: قالوا: إنه عندنا لحق وإن لم يكن رأيناه. فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة، فقال: (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون).
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169