كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٣٩
فقد عزانا من فرح وترح، وأظن أنك لو شهدت ذلك بنفسك لكنت ترى أجمل الرأي والعمل ولجانبت أسوأ الرأي والفعل والخطل، والآن فإن حاجتي إليك أن لا تسمعني فيه ما أكره فإنه أخي وشقيقي وابن أبي، وإن زعمت أنه ظلمك وقد كان عدوا لك كما تقول، قال: فقال له يزيد: إنك لا تسمع فيه إلا خيرا، ولكن (1) هلم فبايعني، واذكر ما عليك من الدين حتى أقضيه عنك! فقال محمد بن علي رضي الله عنه: أما البيعة فقد بايعت، وأما ما ذكرت من أمر الدين فما علي دين والحمد لله، وإني من الله تبارك وتعالى بكل نعمة سابغة لا أقوم بشكرها، قال: فالتفت يزيد إلى ابنه خالد فقال: يا بني! إن ابن عمك هذا بعيد من اللوم والدنس والكذب، ولو كان غيره كبعض من عرفت لقال: علي من الدين كذا وكذا، ليستغنم أخذ أموالنا.
قال: ثم أقبل عليه يزيد فقال: بايعني يا أبا القاسم! فقال: نعم يا أمير المؤمنين.
فقال: إني قد أمرت لك بثلاثمائة ألف درهم فابعث من يقبضها، إذا أردت الانصراف عنا أوصلناك إن شاء الله، قال: فقال له محمد بن علي رحمه الله: أيها الأمير لا حاجة لي في هذا المال ولا فيما جئت به، فقال يزيد: فلا عليك أن تقبضه وتفرقه فيمن أحببت من أهل بيتك، قال: فإني قد قبلته.
قال: فأنزله يزيد في بعض منازله، وكان محمد بن علي يدخل إليه صباحا ومساء، وإذا وفد المدينة قد أقبلوا على يزيد (2) وفيهم المنذر بن الزبير وعبد الله بن [أبي] (3) عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي (4) وعبد الله بن (5) حنظلة بن أبي عامر الأنصاري، فأقاموا عند يزيد أياما فأجازهم يزيد لكل رجل بخمسين ألف درهم وأجاز المنذر بن الزبير بمائة ألف درهم (6).
فلما أراد الانصراف إلى المدينة أقبل محمد بن علي رضي الله عنه حتى دخل على يزيد فاستأذنه في الانصراف معهم إلى المدينة فأذن له في ذلك ووصله بمائتي

(١) بالأصل: " ولكني ".
(٢) وكان ذلك سنة ٦٢، انظر سبب قدوم هذا الوفد في الطبري ٥ / ٤٧٩ ابن الأثير ٢ / ٥٨٧ البداية والنهاية ٨ / ٢٣٥.
(٣) زياد عن المصادر.
(٤) في البداية والنهاية: الحضرمي.
(5) بالأصل: عبد الله بن قيس بن حنظلة... وما أثبت عن الطبري.
(6) زيد في الطبري 5 / 480 أكرمهم وأحسن إليهم وأعظم جوائزهم ثم انصرفوا من عنده، وقدموا المدينة كلهم إلا المنذر بن الزبير فإنه قدم على عبيد الله بن زياد بالبصرة.
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 61
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 62
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 64
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 69
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 73
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 76
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 81
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 84
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 89
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 101
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 101
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 110
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 121
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 122
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 123
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 126
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 135
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 136
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 137
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 140
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 143
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 144
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 146
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 150
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 153
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 159
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 159
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 169