فتوح اليمن - طبع النجاتي المحمدي - الصفحة ١٩
رجاله وانه سائر لمحمد الساحر ثم قلت له أين يكون محمد الساحر الذي تذكره فلما سمع مني هذا الكلام اقبل علي وتأملني واصفر لونه وكذلك انا الاخر سقط قلبي وشق خاطري ولكن ثبت جناني فقال يا شيخ اقشعر منك بدني وما أظنك الادبار وجاسوس اتيت من عند محمد الساحر ولكن ان كنت شاعرا صف لي هذه الحديقة ما فيها وان لم تصف لي ذلك فأنت جاسوس من عند محمد الساحر وهذا كله منك خديعة فقلت لقد أنصفت في كلامك وأنشدت هذا الأبيات حديقة تجري من أحسن الحدائق * أنهارها تجري كدمع العاشق * أثمارها كالدر والعقائق * نسيمها يحي الفوائد الماذق * صنعة رب عظيم خالق * يعلم بكل صامت وناطق * قال عمرو فلما سمع مني ذلك تبسم ضاحكا وقال أحسنت أيها الشاعر الأديب والله لأعطينك الذخيرة التي ورثتها من أبي وهو طوق واني لا أملك غيره فخذ مني واقبل عذري واقعد في مكانك حتى امضي إلى القواس وهو صاحب الحديقة وأخبره بخبرك لأنه يحب الشعر والنظام فيحل لك منه الأكرم قال عمرو فقلت له افعل ما بدا لك واعمل معي ما أنت أهله فإنه قد صار لك علي حق والاكرام وانا الاخر لي عليك حق الأمانة فليبارك فيك الرب فراش ثم قام وتركني وسار وقد دخل علي القواس وسلم عليه وقال له اعلم أيها اني كنت في رأس الوادي في الحديقة وإذا برجل غريب ذو لسان فصيح وعليه شعر صادق المقال وقد ذكر لي انه يريد الملك مخارق ان أكون له رفيق وقد أعلمته بأمر الملك وما هو فيه وقلت له اقعد عندي إلى أن أخبر صاحب الحديقة فأجابني إلى ذلك فتركته هناك وجئت فأرسل أحضره هنا بين يديك (قال الراوي) فلما سمع القواس ذلك الكلام قال له امض وأتيني به سريعا فرجع الغلام وأخبرني بما قد جرى من الأمور ثم قال لي قم معي عند القواس فقمت معه وانا تارة أتوكأ على عصاة وتارة أقع من طولي ولم أزل كذلك حتى وصلت عليه إلى الخيمة فدخل الغلام إلى الأمير وعاد سريعا وفي يده كرسي فوضعه ووضع الفراش وأجلسني هذا وقد اقبل على الأمير بوجه وهو في داخل الخيمة على سريره ولما اقبل وقفت بين يديه وقلت له أيها
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»