رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ١٧١
لزينب عليها السلام: يا سيدتي إن سفينة صاحب رسول الله كان بمركب، فضربته الريح فتكسر، فسبح فقذفه البحر إلى جزيرة، فإذا هو بأسد، فدنا منه فخشي سفينة أن يأكله، فقال: يا أبا الحارث أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهمهم بين يديه حتى أوقفه على الطريق، فركب ونجا سالما، وأرى أسدا في خلف مخيمنا، فدعيني أمضي إليه فأعلمه بما هم صانعون غدا، فقالت: (شأنك)، قالت: فمضيت إليه فقلت: يا أبا الحارث، فرفع رأسه، ثم قلت: أتدري ما يريدون أن يعملوا غدا بأبي عبد الله عليه السلام؟ يريدون أن توطئ الخيل ظهره، قالت: فقام الأسد فمشى حتى وضع يديه على جسد الحسين عليه السلام، وجعل يمرغ وجهه بدم الحسين عليه السلام ويبكي إلى الصباح، فلما أصبح بنو أمية أقبلت الخيل يقدمهم الأخنس لعنه الله، فلما نظروا إليه قال لهم عمر بن سعد: فتنة لا تثيروها، انصرفوا: فانصرفوا.
قال الإسفرائيني: روي عن زينب أخت الحسين عليهما السلام عند هجوم القوم على الخيام أنها قالت: دخل علينا رجال وفيهم رجل أزرق العيون، فأخذ كل ما كان في خيمتنا التي كنا مجتمعين فيها... إلى أن قالت: فقلت له: قطع الله يديك ورجليك، وأذاقك الله النار في الدنيا قبل الآخرة، قال: فما كان إلا قليل حتى ظهر المختار الثقفي طالبا بثأر الحسين عليه السلام، فوقع في يده ذلك الرجل - وهو خولي بن يزيد الأصبحي - فقال المختار: ما فعلت بعد قتل الحسين؟ فذكر أفعاله التي فعلها ودعوتها (ع) عليه، فقطع المختار يديه ورجليه وأحرقه بالنار.
تزويجها (ع) بعبد الله بن جعفر وشئ من حياته:.
لما بلغت زينب صلوات الله عليها مبلغ النساء، ودخلت من دور الطفولة إلى دور الشباب، خطبها الأشراف من العرب ورؤساء القبائل، فكان أمير المؤمنين عليه السلام يردهم، ولم يجب أحدا منهم في أمر زواجها.
وممن خطبها عليها السلام الأشعث بن قيس، وكان من ملوك كندة - على ما في الإصابة - فزبره أمير المؤمنين عليه السلام، وقال: يا بن الحائك أغرك ابن أبي قحافة حين زوجك أخته؟ والحائك هنا: المحتال أو الكذاب (1)، وكان أبو بكر زوج أخته أم فروة بنت أبي قحافة من الأشعث، وذلك أن الأشعث ارتد فيمن ارتد من الكنديين، وأسر فأحضر إلى أبي بكر، فأسلم وأطلقه وزوجه أخته المذكورة، فأولدها محمد بن الأشعث، وهو أحد قتلة الحسين عليه السلام.
إن الذي كان يدور في خلد أمير المؤمنين عليه السلام أن يزوج بناته من أبناء إخوته، ليس إلا امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (2)، حين نظر إلى أولاد علي و جعفر، وقال:

1 - في المجمع: ذكر حائك عند أبي عبد الله عليه السلام، وأنه ملعون، فقال عليه السلام: إنما ذلك الذي يحوك الكذب على الله ورسوله.
2 - في البحار: عن الخزاز القمي: نظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أولاد علي وجعفر، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (بناتنا لبنينا، وبنونا لبناتنا).
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»