رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ١٧٠
على ظهره لما قال له: أنا عبد رسول الله، وسمعت أن في هذه الجزيرة أسدا، فامضي إليه فقولي له: إن عسكر ابن سعد يريدون غدا أن يطأوا بخيولهم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهل أنت تاركهم؟ فلما مضت إليه الجارية وقالت ما قالته زينب، إلى قولها: (فهل أنت تاركهم)؟ أشار برأسه: لا، فلما كان الغد أقبل الأسد يأز أزا، والعسكر واقف فظن ابن سعد أنه جاء يأكل من لحوم الموتى، فقال: دعوه نرى ما يصنع، فأقبل يدور حول القتلى حتى وقف على جسد الحسين عليه السلام، فوضع يده على صدره، وجعل يمرغ خده بدمه ويبكي، فلم يجسر أحد أن يقربه، فقال ابن سعد: فتنة فلا تهيجوها، فانصرفوا عنه.
قال: هكذا ذكروا مجئ الأسد إلى المصرع في كتب جمع من أصحاب المقاتل.
وفي المنتخب: لما قتل الحسين عليه السلام، أراد القوم أن يوطئوه الخيل، فقالت فضة (1)

١ - فضة: هي جارية الزهراء عليها السلام، اشتراها لها أمير المؤمنين عليه السلام، قيل: إنها كانت من بنات الملوك، ملك الهند كما قال البرسي، أو ملك الحبشة كما قال غيره، كانت عندها ذخيرة من الإكسير صنعت النحاس ذهبا، فأرته لأمير المؤمنين عليه السلام، فأراها عليه السلام كنوز الأرض، ثم قال: يا فضة، إنا ما خلقنا لهذا.
وفي البحار عن أبي القاسم القشيري في كتابه، قال بعضهم: انقطعت عن الطريق في البادية عن القافلة، فوجدت امرأة فقلت لها: من أنت؟ فقالت: (وقل سلام فسوف تعلمون)، فسلمت عليها وقلت: ما تصنعين هاهنا؟ قالت: (من يهدي الله فلا مضل له)، فقلت: أمن الجن أنت أم من الإنس؟ قالت: (يا بني آدم خذوا زينتكم)، فقلت: من أين أقبلت؟ فقالت:
(ينادون من مكان بعيد)، قلت: أين تقصدين؟ قالت: (ولله على الناس حج البيت)، فقلت:
متى انقطعت عن القافلة؟ قالت: (ولقد خلقنا السماوات والأرض في ستة أيام)، فقلت:
أتشتهين طعاما؟ فقالت: (وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام)، فأطعمتها، ثم قلت:
هرولي واستعجلي، قالت: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)، فقلت: أردفك؟ فقالت: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)، فنزلت فأركبتها، فقالت: (سبحان الذي سخر لنا هذا)، فلما أدركنا القافلة قلت: ألك أحد فيها؟ قالت (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض)، (وما محمد إلا رسول)، (يا يحيى خذ الكتاب)، (يا موسى إني أنا الله)، فصحت بهذه الأسماء فإذا أنا بأربعة شباب متوجهين نحوها، فقلت: من هؤلاء منك؟ قالت : (المال والبنون زينة الحياة الدنيا)، فلما أتوها قالت: (يا أبتاه استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين)، فكافؤني بأشياء، فقالت: (والله يضاعف لمن يشاء)، فزادوا علي فسألتهم عنها، فقالوا: هذه أمنا فضة، جارية الزهراء عليها السلام، ما تكلمت منذ عشرين سنة إلا بالقرآن.
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»