كلامه وأما التمر والطفيشل فيجران عليك نسب السخينة والخرنوب وانتهى الكلام إلى الأنصار فجمع قيس بن سعد عبادة الأنصاري الأنصار وقام فيهم خطيبا فقال:
إن معاوية قد قال ما بلغكم وأجاب عنكم صاحبكم فلعمري لئن غظتم معاوية اليوم لقد غظتموه بالأمس وإن وترتموه في الاسلام لقد وترتموه في الشرك وما لكم إليه من ذنب أعظم من نصرة هذا الدين الذي أنتم عليه فجدوا اليوم جدا تنسون ما كان أمس وجدوا غدا جدا تنسون ما كان اليوم وأنتم مع هذا اللواء الذي كان يقاتل عن يمينه جبرئيل وعن يساره ميكائيل والقوم مع لواء أبي جهل والأحزاب وأما التمر فانا لم نغرسه ولكن غلبنا عليه من غرسه وأما الطفيشل فلو كان طعامنا سمينا به كما سميت قريش السخينة ثم قال قيس بن سعد في ذلك:
يا ابن هند دم التوثب في الحر * ب إذا نحن بالجياد سرينا نحن من قد علمت فادن إذا شئت * بمن شئت في العجاج إلينا إن تشأ فارس له فارس منا * وإن شئت باللفيف التقيا ثم لا تنزع العجاجة حتى * تنجلي حربنا لنا أو علينا إننا الذين لدى الفتح * شهدنا خيبرا وحنينا بعد بدر وتلك قاصمة الظهر * واحد وبالنضير ثنينا يوم الأحزاب فيه قد علم * الناس شفينا من قبلكم واشتفينا فلما بلغ شعره معاوية دعا عمرو بن العاص فقال ما ترى في شتم الأنصار فقال أرى أن توعد ولا تشتم قال معاوية إن قيس بن سعد يقوم كل يوم خطيبا وهو يريد أن يفنينا غدا إن لم يحبسه حابس الغد فما الرأي قال الرأي التوكل والصبر وأن تبعث إلى رجال من رؤساء الأنصار فتعاتبهم فبعث إليهم فمشوا إلى قيس فقالوا إن معاوية لا يريد شتمنا فكف عن شتمه فقال إن مثلي لا يشتم ولكن لا أكف عن حربه حتى ألقى الله.
وتحركت الخيل غدوة فظن قيس أن معاوية فيها فحمل على رجل يشبهه فضربه ثم انصرف وهو يقول:
خوفتني أكلب قوم عاويه * إلي أبا ابن الخاطئين الماضية ترقل ارقال العجوز الخاوية * في أثر الساري ليالي الشاتيه فلما تحاجز الفريقان شتمه معاوية شتما قبيحا وشتم الأنصار فغضب النعمان ومسلمة فأرضاهما بعد ما هما أن ينصرفا إلى قومهما ثم إن معاوية سال النعمان أن يخرج إلى قيس فيعاتبه ويسأله السلم فخرج فقال له يا قيس أ لستم معشر الأنصار تعلمون إنكم أخطأتم في خذل عثمان وقتلتم أنصاره يوم الجمل وحملتم خيولكم على أهل الشام بصفين فلو كنتم إذ خذلتم عثمان خذلتم عليا لكانت واحدة بواحدة ولكنكم خذلتم حقا ونصرتم باطلا ثم لم ترضوا حتى أوغلتم في الحرب ودعوتم إلى البراز ثم لا ينزل بعلي أمر قط إلا هونتم عليه المصيبة ووعدتموه بالظفر وقد أخذت الحرب منا ومنكم ما قد رأيتم فاتقوا الله في البقية فضحك قيس ثم قال ما كنت أراك يا نعمان تجزي على هذه المقالة أنه لا ينصح أخاه من غش نفسه وأنت والله الغاش الضال المضل أما ذكرك عثمان فإن كانت الأخبار تكفيك فخذ مني واحدة قتل عثمان من لست خيرا منه وخذله من هو خير منك وأما أصحاب الجمل فقاتلناهم على النكت وأما معاوية فوالله إن لو اجتمعت عليه العرب لقاتلته الأنصار وأما قولك أنا لسنا كالناس فنحن في هذه الحرب كما كنا مع رسول الله ص نتقي السيوف بوجوهنا والرماح بنحورنا حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ولكن انظر يا نعمان هل ترى مع معاوية إلا طليقا أو إعرابيا أو يمانيا مستدرجا بغرور وانظر أين المهاجرون والأنصار والتابعون باحسان الذين رضي الله عنهم ثم انظر هل ترى مع معاوية غيرك وغير صويحبك ولستما والله ببدريين ولا أحديين ول لكما سابقة في الاسلام ولا آية في القرآن ولعمري لئن شغبت علينا فقد شغب علينا أبوك وقال قيس في ذلك:
والراقصات بكل أشعث أغبر * خوص العيون تحثها الركبان ما ابن المخلد ناسيا أسيافنا * عمن نحاربه ولا النعمان تركا العيان وفي العيان كفاية * لو كان ينفع صاحبيه عيان وقال نصر أن عليا ع دعا قيس بن سعد يوم صفين فاثنى عليه خيرا وسوده على الأنصار. ولما بعث الحسن ع عبيد الله بن العباس على مقدمته إلى لقاء معاوية أمره أن يشاور قيس بن سعد وسعيد بن قيس الهمداني وكانا معه ولما خطب الحسن ع الناس وحثهم على الجهاد معه فتثاقلوا قام قيس في جماعة فأنبوا الناس ولاموهم وحرضوهم وكلموا الحسن ع بمثل كلام عدي بن حاتم المذكور في ترجمته فقال لهم الحسن ع صدقتم رحمكم الله ما زلت أعرفكم بصدق النية والوفاء والقبول والمودة الصحيحة فجزاكم الله خيرا ولما انسل عبيد الله بن العباس ليلا من عسكر الحسن ع إلى عسكر معاوية وأصبحوا بغير أمير صلى بهم قيس بن سعد ثم خطبهم فقال أيها الناس لا يهولنكم ولا يعظمن عليكم ما صنع هذا الرجل الوله الورع أي الجبان إن هذا وأباه وأخاه لم يأتوا بيوم خيرا قط إن أباه عم رسول الله ص خرج يقاتله ببدر فاسره كعب بن عمرو الأنصاري فاتى به رسول الله ص فاخذ فداه فقسمه بين المسلمين وأن أخاه ولاه علي ع على البصرة فسرق مال الله ومال المسلمين فاشترى به الجواري وزعم أن ذلك له حلال وإن هذا ولاه أيضا على اليمن فهرب من بسر بن أرطأة وترك ولده حتى قتلوا وصنع الآن هذا الذي صنع فتنادى الناس الحمد لله الذي أخرجه من بيننا امض بنا إلى عدونا فنهض بهم وخرج إليهم بسر بن أرطأة في عشرين ألفا فصاحوا بهم هذا أميركم قد بايع وهذا الحسن قد صالح فعلا م تقتلون أنفسكم فقال لهم قيس اختاروا إما القتال مع غير إمام أو تبايعون بيعة ضلال فقالوا بل نقاتل بلا إمام فخرجوا و ضربوا أهل الشام حتى ردوهم إلى مصافهم وكتب معاوية إلى قيس يدعوه ويمنيه فكتب إليه قيس لا والله لا تلقاني أبدا إلا وبيني وبينك الرمح فكتب إليه معاوية أما بعد فإنما أنت يهودي ابن يهودي تشقي نفسك وتقتلها فيما ليس لك فان ظهر أحب الفريقين إليك نبذك وعزلك وإن ظهر أبغضهما إليك نكل بك وقتلك وقد كان أبوك أوتر غير قوسه ورمى غير غرضه وأكثر الحز وأخطأ المفصل فخذله قومه وأدركه يومه فمات بحوران طريدا غريبا والسلام. فكتب إليه قيس بن سعد إنما أنت وثن ابن وثن من هذه الأوثان دخلت في الاسلام كرها وأقمت عليه فرقا وخرجت منه طوعا ولم يجعل الله لك فيه نصيبا لم تتقدم باسلامك ولم يحدث نفاقك ولم تزل حربا لله ورسوله وحزبا من أحزاب المشركين فأنت عدو الله ورسوله والمؤمنين من عباده وذكرت أبي ولعمري ما أوتر إلا قوسه ولا رمى إلا غرضه وزعمت إني يهودي ابن يهودي ولقد علمت وعلمنا أن أبي من أنصار الدين الذي خرجت منه وأعداء الدين الذي دخلت فيه وصرت إليه والسلام. فلما قرأ