كرمه قال إبراهيم بن سور بن هلال الثقفي في كتاب الغارات: كان قيس مع بعض الصحابة في سفر في حياة رسول الله ص فكان ينفق عليهم ويفضل، فقال أحدهم: ان هذا لا يقوم به مال أبوك فامسك يدك، فلما قدموا من سفرهم، قال سعد لذلك القائل: أردت ان تبخل ابني، انا يقوم لا نستطيع البخل. وكان قيس يقول في دعائه اللهم ارزقني حمدا ومجدا، فإنه لا حمد الا بفعل، ولا مجد الا بمال اللهم وسع علي فان القليل لا يسعني ولا أسعه.
وعن جابر في قصة جيش العرة ان قيسا كان في ذلك الحين وانه كان ينحر ويطعم حتى استدان بسبب ذلك فهناه أمير الجيش وهو أبو عبيدة فبلغ النبي ص، فقال: الجود من شيمة أهل هذا البيت.
وجاءته عجوز كانت تالفه، فقال لها كيف حالك؟ فقالت ما في بيتي جرذ، فقال ما أحسن ما سالت، لأكثرن جرذ بيتك املؤوا بيتها خبزا ولحما وسمنا وتمرا.
ولاؤه لعلي ع كان مخلصا في الولاء لعلي ع عارفا بقدره، وبلغ به الأمر ان خاصم أباه حين ذكر أمامه مرة كلاما كان سمعه من النبي ص في حق علي، فقال قيس لأبيه، أنت سمعت رسول الله ص يقول هذا الكلام في علي ابن أبي طالب ثم تطلب الخلافة ويقول أصحابك منا أمير ومنكم أمير، والله لا كلمتك من رأسي بعد هذا كلمة ابدا.
وقال عنه الفضل بن شاذان: انه كان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين ع. وقال ابن أبي الحديد: كان قيس من كبار شيعة أمير المؤمنين ع وقاتل بمحبته وولائه، وشهد معه حروبه كلها، وكان مع الحسن ع ونقم عليه صلحه معادية، وكان طالبي الرأي مخلصا اعتقاده ووده.
وقال إبراهيم بن سعيد بن هلال الثقفي في كتاب الغارات: كان قيس من شيعة علي مناصحا له ولولده، ولم يزل على ذلك إلى أن مات.
توليته مصر وعزله عنها قال إبراهيم: لما ولي علي ع الخلافة قال لقيس من كلام له، سر إلى مصر فقد وليتك، فإذا أنت قدمتها إن شاء الله فاحسن إلى المحسن، واشتد على المريب وارفق على العامة والخاصة فالرفق أيمن.
فقال قيس من كلام له: واما ما أوصيتني به من الرفق والاحسان، فالله تعالى هو المستعان على ذلك.
فخرج قيس في سبعة من أهله حتى دخل مصر، فصعد المنبر، وامر بكتاب معه فقرئ على الناس، فيه: من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من بلغه كتابي هذا من المسلمين، سلام عليكم، فاني احمد الله إليكم، الذين لا اله إلا هو إما بعد فان الله بحسن صنيعه وقدره وتذكيره اختار الاسلام دينا لنفسه وملائكته ورسله وبعث به أبناءه إلى عباده، فكان مما أكرم الله عز وجل به هذه الأمة وخصهم من الفضل ان بعث محمدا ص إليهم فعلمهم الكتاب والحكمة والسنة والفرائض وأدبهم لكيما يهتدوا وجمعهم لكيما لا يتفرقوا وزكاهم لكيما يطهروا فلما قضى من ذلك ما عليه قبضه الله إليه فعليه صلوات الله وسلامه ورحمته ورضوانه، ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا أميرين منهم أحسنا السيرة ثم توفيا فولي من بعدهما وال أحدث احداثا فوجدت الأمة عليه مقالا، فقالوا ثم نقموا فتغيروا ثم جاءوني فبايعوني وانا استهدي الله الهدى وأستعينه على التقوى، الا وان لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة رسوله والقيام بحقه والنصح لكم بالغيب والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل. وقد بعثت لكم قيس بن سعد الأنصاري أمير فوازروه وأعينوه على الحق. وقد امرته بالاحسان إلى محسنكم والشدة على مريكم والرفق بعوامكم وخواصكم وهو ممن ارضى هديه وارجو صلاحه ونصحه أسال الله لنا ولكم عملا زاكيا وثوابا جميلا ورحمة واسعة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فلما فرع من قراءة الكتاب قام قيس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وقال الحمد الله الذي جاء بالحق وأمات الباطل وكبت الظالمين. أيها الناس انا بايعنا خير من فعلم من بعد نبينا محمد ص فقوموا فبايعوا على كتاب الله وسنة رسوله فان نحن لم نعمل بكتاب الله وسنة رسوله فلا بيعة لنا عليكم.
فقام الناس فبايعوا. واستقامت أمور مصر واعمالها لقيس وبعث عليها عماله. الا ان قرية منها قد أعظم أهلها مثل عثمان، وبها رجل من بني كنانة يقال له يزيد بن الحارث، فبعث إلى قيس: انا لا نأتيك فابعث عمالك فالأرض أرضك، ولكن اقرنا على حالنا حتى ننظر إلى ما يصير إليه أمر الناس.
ووثب مسلمة بن مخلد الأنصاري فنعى عثمان ودعا إلى الطلب بدحه، فأرسل إليه قيس ويحك أ علي تثبت والله ما أحب ان لي ملك الشام ومصر واني قتلتك فاحقن دمك. فأرسل إليه مسلمة، اني كاف عنك ما دمت أنت والي مصر. وبعث قيس إلى الذين اعتزلوا اني لا أكرهكم على البيعة ولكني أدعكم واكف عنكم فهادنهم وهادن مسلمة بن مخلد، وجبى الخراج، وليس أحد ينازعه.
وخرج علي ع إلى الجمل وقيس على مصر، ورجع إلى الكوفة من البصرة وهو بمكانة، فكان أثقل خلق الله على معاوية لقرب مصر واعمالها من الشام ومخافة ان يقبل علي باهل العراق ويقبل إليه قيس باهل مصر فيقع بينهما.
وكتب معاوية إلى قيس وعلي يومئذ بالكوفة قبل ان يسير إلى صفين:
من معاوية بن أبي سفيان إلى قيس بن سعد سلام عليك فاني احمد الله إليك الذي لا اله إلا هو. إما بعد ان كنتم فقمتم على عثمان في عثرة رأيتموها أو ضربة سوط ضربها أو شتمه رجلا أو تسييره أحدا أو في